لم أكن أحلم في نومي من قبل ..
أتذكر أحلاما قليلة جدا و متفرقة من آن لآخر. و لكن من المؤكد أنني لم أكن لأستيقظ أبدا محملا بصور رؤى شاهدتها في منام ، و أصوات سمعتها...
اليوم لا يمر صباح لا أصحو بمزاج ما ، يختلف أو يتفق حيثما كان الحلم ، ففي يوم أصحو بمزاج راكد ، عصبي ، بدون الرغبة في العمل أو الحديث ، و يوم بمزاج نوستالجي يدفعني للمسير لأماكن بعينها ، و يوم بمزاج متوتر معقد ، حسبما كان الحلم.
و أحيانا يقلقني النوم خوفا مما قد يحدث في هذا العالم الخاص .. فأحداث حياتي أتحكم فيها ، أقابل من أريد ، و أتجنب من أتجنب ، و لكن الحلم عالم أتصرف فيه و كأنني أنا ، و قد وجدت في عوالم لم أكن لأختارها.
و أذكر فتاة عرفتها ، كانت في مكالمتنا المعتادة كل صباح ، تقص علي بصوت نائم حلم ليلتها ، و الحق كانت تزعجني عادتها هذه كثيرا ، و أجدها مضيعة للوقت ، و لم أفهم يوما رغبتها المميتة في إكمال الحكي مهما أوضحت أنا من عدم رغبة في الاستماع.
اليوم أعلم أنني كنت على ضلال.
اليوم أعلم إلى أي مدى يؤثر حلمي في نفسي ، في سلوكي اليومي ، في عملي حتى ..
و لكنني لا زلت لا أحكيه ، فغالبا ما ضم أمورا ، لا أعلم إن كان من حقي أن أسرها للأقربين مهما كانوا أم لا.
بل و أحيانا ، لا أطيق حتى تذكرها.
عن أزمة نوم أخرى ، يغني ديلان . و سيظل بوب ديلن ، واحد من أعظم أيقونات الستينات ، كموسيقي ، و شاعر ، و يهودي مناهض للحرب منذ الستينات ، و أب روحي للعديد من الفرق و المغننيين ليومنا هذا . بحسب مارتن سكورسيزي نفسه.
Not Dark Yet - Album:Time Out of Mind - Year: 1995
powered by ODEO
التذكر
في مقهى عتيق في الاسكندرية ، و بينما نحن جلوس ، حدث و أن قالت لي روز - الحكيمة أحيانا - :
اليوم ستتلقى العزاء على ما مررت به ، اليوم سنشرب جميعنا قهوة سادة ، و سنعزيك فردا فردا ، حينها فقط ستتوقف عن الشعور بالحزن ، ستتجاوز ما بداخلك داخلك ، و حينها فقط ستكون قد بدأت من جديد.
كنا خمسة أصدقاء ، شربنا قهوة ، و دخنا بضع سجائر ، و قالوا لي : البقية في حياتك. رغم أنه لم يكن من شخص قد مات.
خلق حالة العزاء التخيلية هذه ، قد توقفت عندها لوقت ، لا أعلم إن كانت قد ساعدت أم لا ، و لكن هي و لا بد كانت تجربة أثرت في كثيرا - و إن لم أظهر - و ظلت شراكات الآخرين سندا لي كما كانت من قبل ،
أنظر الآن للأسكندرية كحلم ، و يصبح فنجان القهوة المرة ، في مقهى على بحر ، أكثر عذوبة من تسلسل كامل لأيامنا القاهرة .
و يصبح في تلقي العزاء راحة ما ، و ثقل ينزاح رويدا عما في الصدور.
أشكر "هـ" التي شاركتنا القهوة ، لقدرتها هائلة على الخلوص بروح نقية بين كل هذا الهراء.
.. ليس من كلام يقال عن سيمون و جارفنكل ..
Bookends Theme - Album: Bookends - Year:1968
powered by ODEO
البدء من جديد
إن كان قد قال لي شخص منذ عام ، أنني في يونيو ٢٠٠٧ ، ستكون حياتي بهذا الشكل ، سأكون أعمل كذا ، و أحب فلانة ، و أكسب كذا ، و أصادق هؤلاء ، لكنت اعتبرته دربا من الجنون المطلق.
تغيرت سبل و متاهات حياتي كثيرا كثيرا خلال التسعة أشهر الماضية ، و قال لي الفلك : هذا هو عام برج القوس ، ستشهد حراكا و تبدلا لم و لن تعرفه في حياتك من قبل.
و كانت حقيقة ، على الأقل بالنسبة لي.
و لكن على الرغم من تغير حياتي / عملي / دائرة معارفي و أحبائي ، بل و ربما تغير شكلي و ملبسي ( فقد آثرت ارتداء السواد) ، إلا أنني لم أتغير بالكاد .
فعدا مزاجي الاكتئابي ، و قلة حديثي النسبية عما سبق ، فإنني لازلت أحب نفس الاشياء التي طالما أحببت ، أفضل نفس الاطعمة ، أحمل نفس القيم و الأفكار التي حملتها و منهجت حياتي عليها ، حياتي تلك التي تغيرت كثيرا.
بل و لا زلت أحمل نفس الهوس المرضي بأشياء بعينها ، تلك التي ينضج الناس عليها ، أو تمر مرحلتها فينسونها ، فلا زلت مهووسا بالمعمار القديم ، و بقاهرة الأربعينات ، و اسكندرية بدايات القرن ، بل و لازلت أدون هنا علي الرغم من صعوبة ذلك ، و لازلت أقرأ مدونات أحببتها منذ أول سطور ، لازلت أحب الأناس العجائز ، أجالسهم ، و نتحدث بالساعات ، لازلت أدرس أوضاع الأقليات في مصر ، و أقوم بشيء من آن لآخر ، لا زالت علاقاتي العاطفية تربطها نفس المعايير و الالتزامات ،و ال زلت أهوس بفرق موسيقية بعينها ، و لا زالت الأفلام التي أحبها .. أحبها ، و لازلت نباتيا. و لازالت أشياء كثيرة.
أتساءل ، أأنا على حق ؟ أم أن على التغير وفقا لمنحنيات حياتي الحادة؟ أم فقط علي الانتظار لأرى ما سترمي به الحياة؟
ربما أؤثر أن أكون كما اخترت لنفسي ، و إن صعب هذا في حياتي الجديدة ، تلك التي لم أخترها أبدا.
كتبت من قبل عن دامين رايس ، الانجليزي ، الذي يسجل موسيقاه المستقلة في منزله ، يشاركني البرج الفلكي و المرارة ، و ميلا للابتعاد عن الناس ، فهو بالكاد يؤدي عروض حية للجمهور ، من ألبومه الأخير (٩) آخر أغنية فيه
The Rat Within the Grain - Album: 9 - Year 2006
powered by ODEO
المطلق
حينما تجلس فتاة تحملق في شاشة ساكنة أمامها ، و تتبادل ضحكات من آن لآخر بين الجالسين إلى الجوار ، و أكون أنا واقف بالخلف ، أحملق فيها مشدوها من غرابة أن أراها بعد كل هذه السنوات الطوال جدا، و ألعب لعبة التأمل من بعيد - و إن كانت غير أخلاقية أحيانا ، و لكن لم أملك سواها - فإنها لابد أن تلتفت للخلف ، ناظرة نحوي ، و كأنها علمت بوجودي ، و كأن بعض الطاقات لا يمكن اجتنابها.
لذا..
كان لا بد كان لضوء القاعة أن ينطفيء في هذه اللحظة بالذات ، لا أظن أن أيا منا كان ليحتمل تلاقي العينين للمرة الأولى بعد كل هذا العمر.
كان تخفيفا من القدر ، ذلك الذي لم يخفف أي شيء فيما سبق ، قرر بعضا من تعاطف الآن.
و حتى الآن لم يدر كلانا كيف شعر الآخر عندما نظر لوجهه للحظة الأولى ، و لا داع للمعرفة.
احتراما لتعاطف السماء المتأخر
و أحتراما لأشياء أخرى يضيق بها الصدر...
و تضيق بها هذه المدونة...
كونشرتو الكمان الوحيد لبيتهوفن ، و ستظل التيمة الأساسية هي أقرب الألحان الكلاسيكية إلى روحي ، تلاحظ بدءا من الدقيقة 1:36 من هذه الحركة الأولى ، بيتهوفن كتبها لأفضل عازف كمان في أوروبا وقتها فرانز كلمنت ، و تروي الاسطورة أن بيتهوفن أنهى كتابته في المسرح دقائق قبل العرض الأول ، و أن العازفين عزفوه لأول مرة من ورق لم يجف حبره بعد . و هذا لا يبتسر من قدره شيئا بالنسبة لي.
مهداة إلى أفضل عازف كمان بين المدونين ، هيثم...
متذكرين كيف كانت سعاد جميلة في الاسكندرية
powered by ODEO