٢٠‏/٠٩‏/٢٠٠٦

قلب الماشي

كان الماشي يتحدث مع أخيه الأصغر ، عبر خدمة سيبرية ما ،
قال الأصغر:" لا داع للبكاء على شيء ، إن الكل قابل للتعويض ، و كل شيء متاح استبداله ، حتى القلب ، الطب أصبح في مقدوره أن يستبدله بقلب خنزير"
انزعج الماشي ، و تذكر أحد الافلام التي أحبها
grams 21
تذكر حينما استبدل البطل قلبه ، بقلب رجل آخر ، فأحب أشياء و أشخاص أخر..
ثم مر يومين ، و تبدلت الأحوال ..
كان الماشي قد فقد حبا كبيرا، كان قد أنهى ٥ سنوات من السعادة و الهناء ، و من الشقاء و البغض أيضا،
قال الماشي "انني لم انه ذلك ، و لو كان في مقدوري أن يستمر لاستمر ، و لكن هذه الحياة ، لا تعرف العدل"
و كان الماشي مخمورا ، محاط بعطف اصدقاء ، و ربما شفقتهم أيضا.
كان الماشي لا يبالي ..
فقط كان يطمح ألا يبقى وحيدا ، يلوكه جنون أفكاره ، وواسع خياله.
و الندم.
"ماذا يعني أن تحب شخصا ما ، أو تكرهه ، ماذا تعني كل هذه الطاقة المبذولة نحوه ؟ و إلى أين الهدف؟
فيم سيؤثر كل ذلك؟
هل على الآتِ؟
أم سيذهب أدراج الرياح و سأَنسَى؟"
كانت قد قالت شيئا ما عن الـ :
comunication
تعجب الماشي ، فقد كان يشارك فتاته في حب نفس الألوان ، و الأغاني ، و الكتب ، و الملابس ، و المباني ، و المطاعم ، الأشخاص، و المشروبات و الأطعمة التي يصنعونها في صباحات شتوية. كل هذا بدون اتفاق مسبق
comunication
قال الماشي لنفسه.
شعر الماشي بأن السنوات ستمر بثقل
شعر بثقل الهواء حتى..
و بثقل الشوارع و المارة ، و زملاء العمل
" تصبح المدينة عالما عندما يحب المرء أحد سكانها"
تذكر في صمت.
و اشتاق لوهلة لفتاته ..

قال صديق:
"may be this is the most important moment in your life! commit to it!"
قالت أخري: انك تولد من جديد ، تنفس
أما عن الماشي فلم يقاوم دمعة من آن لآخر ، بل استلذها أحيانا.
كان يعلم حجم ما فقد ، و كان يترنح بين مجيئات و أذهبة الخلان و المعارف ،
و كان الألم يعتصر قلبه ، ذلك الذي يمكن للطب استبداله.
تذكر صباحاته الفائته
تذكر خفق قلبه السريع و لحظات من حب قديم تجوب رأسه بين الحلم و استقبال صباح بارد أجوف.
شعر بوهن شديد ، و سأل نفسه عن جدوى ما كان و ما سيكون.
سأل: هل يبقي الحب فينا ما كنا هنا؟
و احتار في كل طاقة المحبة ، و كيف يستطيع البعض اعادة توجيهها و بوتقتها .
قال أنه لم يسيطر على شعوره المحب من قبل ، و ها هو يوارى الثرى إلى غير رجعة.
هل كان جامحا؟ أم ساكنا؟ لا يدري ، فلم يحكم عليه أبدا.
قال الناس: " الفناء هو أصل كل الأشياء ، و الحب مختوم بنهايات سرمدية منذ الأزل ، و الدليل أن الأحياء يموتون"
كان الماشي قد غامر - و لازال - على خلود عواطف الناس
إعتقد أن :
الحب مستمر بلا هوادة ، حتى بعد فنائنا ، كل لحظة حزن و بهجه و شبق ، تحيا في خلايانا ، في انفاسنا ، و نظرات أعيننا.
و تستمر منتقلة لأناس جدد ، و أجيال لن ندركها.
أحب الناس أناس اخر ، و بهذا الحب بنيت الأساطير : مريم العذراء ، المسيح ، على الإمام ، سيدهارتا.
كان الماشي يكن حبا خاصا للعذراء التي لم يعرف أبدا إن كانت حقيقة أم بنتها أفئدة المحبين و التعساء و المهزومين لقرون
ولكنه دوما ما ظن أنها تحدثه في مناماته .
كرر الماشي في يأس:
" يا ممتلئة بالنعم ، مباركة أنت بين النساء .... صلي لأجلنا نحن الخطاة ، اليوم ، و في ساعة موتنا أيضا"

شعر الماشي بفداحة الفقد ، و هول الخطيئة .
و لا زال يسأل عن الجدوى ، و عن هذا السر الدفين
و عن قلبه و جسده ، و هل تحصن بهما ؟ أم تحصنا به ؟ أم تحصنا ببعضهما البعض ، و ظل هو يرقب فتات المعركة.
كان يعلم أن ما بذل ليس هينا .. و ما يبذله الآن أصعب.
كان يبحث عن حل ، فظل يسرد لنفسه تاريخه ليتعلم.

" صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ، وَالْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ، وَالْإِحْتِمالُ قَبْرُ العُيُوبِ.
"إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ
"أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الْإِخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ
" أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ يُسَارُ بِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ
"مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِه.
.......
"فَقْدُ الْأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ"
....
"فَقْدُ الْأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ"
.....
و ظلت الكلمات تنساب في مخيلته ..
و تتماهى ، و تتكرر ، و لا زال الماشي يمشي ، و لكن بقلب آخر
قلب واهن
قال الطبيب أن عليه أن يهدأ ، و أن " يكون أكثر بساطة"
كانت البساطة هي أبعد ما يكون عن الحال.
و كان العالم يزداد وحشة و تعقيدا
و المرارة في الحلق أزلية ، و ذكرى أزمنة السعادة ، طيف شبح مرعب، يعكس مرآة الحال
و الخوف قدر محتوم
و لا وجود لصورة الغد التي طالما ظل يرددها في صمته.
و لن يتحدث عن الفقد.

و لكنه ظل يمشي
بلا هدف محدد ،
بلا مستقبل محدد
بلا وطن محدد
حاملا قلبا واهنا في عمر الثلاثين..
و شوقاً لفتاة جميلة عرفها يوما ...
...

هناك ٧ تعليقات:

  1. أحمد..

    قلب الماشي..

    كل الشروح موائد
    مدت علي أطرافها الدنيا
    كأطباق النعاس
    والمتن حزن ضارب في القلب
    منتشر علي شجر الحواس
    والنور قفل يحجب الرؤيا
    ويرتجل الوجوه
    ------------

    لا شروح حول قلب الماشي .. فما في القلب، في القلب .. أبعد من نجم خفي وأقرب من شعاع ضوء.

    ردحذف
  2. اللة,تدهشني و تمتعني و توجعني كتاباتك كالعادة

    ردحذف
  3. حاولت كتير ابعد عن التعليق على التدوينه بتاعتك علشان متدخانيش فى ذكريات اكتشفت معاها ان كل الاشياء بتعدى الا الالم فى القلب وتذكرت معاها اغنيتى فى الفترة دى

    " منيش اخر حبيب يدخل مديتنك ولا هتكونى فى يوم اخر حبيبه " .؟


    لكنى اكتشفت انها هتكون اخر حبيبه مهما حاولت اخدع نفسى

    ستعود.....!!!!؟

    ردحذف
  4. لا يختلف موقفى عن بسام وهو أن أتحاشى التعليق على هذه التدوينة ولكنى أشارك التعليقات السلبقة فى مشاعرهم المتفهمة لهذه التجربة المؤلمة,بالعامية قلبى معك

    ردحذف
  5. العالم يتغير
    أغوص في عوالم جديدة ، رجال و نساء ، أعمال و مهام ، مدن و أماكن ...
    و ما في القلب في القلب
    أشاهد مقايضات ، أشاهد أشياء أحببتها تذهب إلى غير رجعة
    أناس و أماكن و بلاد..
    المدينة قاسة..
    قبيحة...
    قاهرة...
    تحوِّل من ذواتنا ، و أشاهد أرواح الأقربين و هي تُختَزَل ، دون أن يدروا..
    أشاهد المدينة تَبتسِر أرواح نبيلة ، و الناس تتغير ، و الطريق طويل ، و الوعد قادم.
    و لكن بالرغم من كل ذلك...
    بالرغم من كل ذلك...
    اتعلم ..
    أن هذا العالم مربوطٌ بخيوطٍ واهنة من المحبة ، تجعلنا قادرين على التوازن و الوقوف
    المحبة
    هي ما أنجاني من موت محقق... و لا أبالغ
    كل من عرفتُ مؤخرا ، في أسبوعَيَّ الماضيين، و شاركني أحزاني ، و تعاستي ، و جنوحي ، و هذياني ، قد و هبني/وهبتني قدرا من المحبة لأتنفس..
    كل تعليق سُطِر هنا ، من الطبيب أو بسام أو تامر ، علاء ، و الآخرين الذين راسلوني ...
    أقول أنني علِمتُ أنني لم أخسر حبا ، لأنني امتلكت رؤية للناس جديدة ، و خَبِرت حبا كبيرا لأول مرة في عمري ، و علمت أن الحياة أجمل كثيرا مما اعتقدت.
    علمت أن الشراكة مع آخرين أحببتهم و أحبوني هي المفتاح ، و أن القاهرة لن تنتصر ، و لن يأتي الرمادي فتاكا هداما كما اعتقدت..
    و سَتَبقى أشيائي الجميلة ، جميلة ما حَيِيت ..
    تعلمت أن أسامح ، و أنه كم من طاقة بذلت في التفكير و الكراهية ، و لا داع
    تعلمت أن أكون أكثر بساطة ، و فتحت صدري للآت
    قرأت كويلهو (الزهير) ، و كان عن رجل يصحوا يوما ليجد زوجته قد اختفت ، قال:
    "Until one morning, I’ll wake up and find I’m thinking about something else, and then I’ll know the worst is over. My heart might be bruised, but it will recover and become capable of seeing the beauty of life once more. It’s happened before, it will happen again, I’m sure. When someone leaves, it’s because someone else is about to arrive "

    و هي حقيقة..

    الروح مفتاح ، يضيع من الكثيرين في زحام العمل ، و النشوة ، و الكتابة ، و الحب أحيانا..
    و أن من نحن هو السؤال.. ما كنته ، و ما سأكونه ، و هل أنا راض؟
    قد أكون سعيدا...
    لكن هل راض؟
    أسأل نفسي ، و أنهض من جديد كل يوم لعالم اختلف عن البارحة ،
    و أتأمل ما كتبه الطبيب هنا يوما:
    :في صباح اليوم الجديد تذكر"
    أنك أعطيت بحرا لجسد
    وكواكب للرعاة
    ونهارات فسيحة
    يمرح الأطفال فيها
    وشجر

    فلتمضي الهموم المراكب في حدقة العين صاخبة ساكنة .. ولتجعل أحزانك رقراقة بالشدو .. ولتقاتل حتي الصباح.. فالطريق المؤدي إلي لحظة عابرة مثل ريح المودة .. قابل للسؤال.
    فالمستقبل باب يطل علي الصغار وهم يهزون السماء، وشرفة أعلي من الطرقات نري منها النهار ، وسقف لا يصد الماء .. وحوائط.
    "
    أُصِر أن أُبقِىَ على روح فيّ أحبَبْت أن أكونها يوما ، أُصِر أن أَسِير حياتي كما أردت ، أصر أن أنجوا بذاتي في بحر متلاطم ينحني الكثيرون له.
    أشكر الجميع على ما بذلوه ، و أشكر أنني خبرت ذلك يوما
    محبتي أنا الآخر.

    ردحذف
  6. القلب الماشي

    ...العدل كظل الطائر

    ...أما الجور...فديموم

    فلنولد من جديد...

    بقلب من حديد

    ...لعله من شدة بأسه لا يحيد

    ....ولعله يصدأ

    مودتي

    ردحذف
  7. انا مش عارفه اعلق .. مش عارفه اقول اد ايه جميله و موجعه..

    ردحذف

المدونة و التدوينات ، بلا حقوق فكرية ، باستثناء الأعمال الفنية و الموسيقات فهي ملكية خاصة لأصحابها.

  ©o7od!. Template by Dicas Blogger.

TOPO