هكذا سِرت وحيدا تماما ، في شارع متطرف نوعاً في وسط المدينة. كان الجو لا يزال رطبا بعض الشيء من أمطار البارحة ، و ضوء الأعمدة القديمة منعكس على الأسفلت المبلل ، كان الشارع ذهبياً خالصاً ، و كانت الساعة تقترب من الرابعة فجرا.
لا أحد في الشارع عَداي ، وقد تمر سيارة في العمق تقطع أفق الشارع الطويل.
و لكن كانت هناك موسيقى مستمرة ، منبعثة من آخر الطريق عالية تصدح ، لم تكن مزعجة أعترف ، هي شيء من مديح ربما .
سِرتُ .. فالموسيقى لا توحي إلا بتتبعها. و كان طريقي على أية حال.
وصلت لمحل كبير منير ، كان فرنا للخبيز ، و كان عماله يستمعون لياسين التهامي ، و يصفقون بإيقاع متكسر بينما يرتبون صَوانٍ سوداء ساخنة .
في المكان رائحة خبز طازج ، يخرج بخارها ليحلق في سماء الشارع و بناياته الأوروبية المتربة . التي تراصت على شرفاتها لوحات اطباء و محاسبون ، و لوحات كتبت بفرنسية أزمنة غابرة .
دخلتُ المحل ، سلمْت على الناس ، قلت أنني أحب التهامي ، فسلم علي آخر و سألني من أين أكون ، قلت "من القاهرة" بخجل لا اعرف مصدره.
هم من المنيا... تذكرت كم احب المنيا.
قلت في نفسي ، انني لابد ان اقضي نهارا على نيل المنيا الواسع قريبا .
اخذت بعض خبز يفوح بخارا ، نقدتهم ، و خرجت من المكان .. و في أذني ياسين التهامي لا يزال يكرر سؤاله لمعشوقه :
"أخذتم فؤادي وهو بعضي .... فما الذي يضركم إن كان عندكم الكُل؟"
وحدي قفلت نحو السيارة ، كانت بعيدة ، فكرت أنني ليتني لم آت بها ، أفضّل أن أترجل حتى بيتي ، و لكنني أسير الآن ، و الجو صاف . و التهم خبزا ذو طعم سكري بعض الشيء.
و بينما أنا على هذه الحال ، سمعت صوتا من ركن مظلم : بسسست .. بسسستت ..
و إذا بشاب قصير ، يرتدي السواد ، و له شارب منتوف ، قال : بطاقتك يا كابتن بعد اذنك.
دار حوار لا أذكره ، و لا أريد ، و تركته يرعى بسلام ، كما تركني هو لأعود في سلام ، و رجعت لسيارتي منطلقا بأقصى ما استطيع نحو البيت.
دخلت ، شاعر بوحدة نادر ما أشعر بها.
شعرت انني وحيد بكوكب موشك على الزوال. لا يفيدني الآن عشاق ، أو أصدقاء ، أو أحباب ، و لا أعرف لماذا.
و رغم أن ياسين كان لازال صداه في رأسي ، فقد دلفت لغرفتي ، نحو لاعب الاسطوانات ، و سمعت أكثر الأغاني وحدة مما أعرف.
ربما إن سمعتها أشعر بأنني لست وحيدا كما أتصور - قلت في نفسي - .
لا أحد في الشارع عَداي ، وقد تمر سيارة في العمق تقطع أفق الشارع الطويل.
و لكن كانت هناك موسيقى مستمرة ، منبعثة من آخر الطريق عالية تصدح ، لم تكن مزعجة أعترف ، هي شيء من مديح ربما .
سِرتُ .. فالموسيقى لا توحي إلا بتتبعها. و كان طريقي على أية حال.
وصلت لمحل كبير منير ، كان فرنا للخبيز ، و كان عماله يستمعون لياسين التهامي ، و يصفقون بإيقاع متكسر بينما يرتبون صَوانٍ سوداء ساخنة .
في المكان رائحة خبز طازج ، يخرج بخارها ليحلق في سماء الشارع و بناياته الأوروبية المتربة . التي تراصت على شرفاتها لوحات اطباء و محاسبون ، و لوحات كتبت بفرنسية أزمنة غابرة .
دخلتُ المحل ، سلمْت على الناس ، قلت أنني أحب التهامي ، فسلم علي آخر و سألني من أين أكون ، قلت "من القاهرة" بخجل لا اعرف مصدره.
هم من المنيا... تذكرت كم احب المنيا.
قلت في نفسي ، انني لابد ان اقضي نهارا على نيل المنيا الواسع قريبا .
اخذت بعض خبز يفوح بخارا ، نقدتهم ، و خرجت من المكان .. و في أذني ياسين التهامي لا يزال يكرر سؤاله لمعشوقه :
"أخذتم فؤادي وهو بعضي .... فما الذي يضركم إن كان عندكم الكُل؟"
و بينما أنا على هذه الحال ، سمعت صوتا من ركن مظلم : بسسست .. بسسستت ..
و إذا بشاب قصير ، يرتدي السواد ، و له شارب منتوف ، قال : بطاقتك يا كابتن بعد اذنك.
دار حوار لا أذكره ، و لا أريد ، و تركته يرعى بسلام ، كما تركني هو لأعود في سلام ، و رجعت لسيارتي منطلقا بأقصى ما استطيع نحو البيت.
دخلت ، شاعر بوحدة نادر ما أشعر بها.
شعرت انني وحيد بكوكب موشك على الزوال. لا يفيدني الآن عشاق ، أو أصدقاء ، أو أحباب ، و لا أعرف لماذا.
و رغم أن ياسين كان لازال صداه في رأسي ، فقد دلفت لغرفتي ، نحو لاعب الاسطوانات ، و سمعت أكثر الأغاني وحدة مما أعرف.
ربما إن سمعتها أشعر بأنني لست وحيدا كما أتصور - قلت في نفسي - .
أخذ David Bowie يسري في المنزل . فكرت أنها أغنية مناسبة لنهايات الأشياء.
و إن كنت لا أعرف أية أشياء بالضبط .
"Am I sitting in a tin can
Far above the world
Planet Earth is blue
And there's nothing I can do
Though I'm past one hundred thousand miles
I'm feeling very still"
Far above the world
Planet Earth is blue
And there's nothing I can do
Though I'm past one hundred thousand miles
I'm feeling very still"