ربما لأني أمر بقصة حب ما ، فأستشعر الأشياء بشكل مختلف... أو ربما هي أمور تلمس القلب حقا ، لا أدري ، لكنني لا محالة ، قد سعدت بكاميرا جهازي المحمول ، و التقطت بعض صور ، أعتذر لرداءتها ، لكنها تحكي قصصصا عدة ، لذا ، فقد استوفت أجرها .. ـ
١-
في حديقة الأورمان ، تطير طيور خضراء ضخمة ، تصدح بغريب الصوت ، ذيولها و رؤوسها ملونة ، و تعيش أعلى النخلات العاليات هناك ،في مجموعات من حوالي العشرة ، مع التركيز ، اكتشفت أنهم ببغاوات، ووفقا لكتاب تصفحته عن طيور مصر ، فإن هذه الطيور قد كانت تعيش في الأسر ، و هربت ، مكونة تجمعات و مستعمرات حرة لها في وسط المدينة ، في حديقتي الأورمان و الحيوانات.
لقد عاشت في النخلات نظرا لارتفاعها الشاهق، و بعدها عن الناس ، فهذه النباتات العملاقة زرعت هناك في بداية القرن ، و ظلت تنموا في تطورها الطبيعي بعيدا عن كل الجنون الذي أكل المدينة خلال كل هذه السنوات ، كانت المدينة تكبر ، و تتغير ، و تصير مسخا ضالا ، و استمرت النخلات في الصعود ، إيواء الطيور المحررة
و احتفظت نخلة منهن بهذا النقش الذي خطه عاشقان
مذيل بتاريخه لعام ١٩٤٩
٢-
في مبني عتيق كما أهوى ، يعيش صديق حميم لي ، أتمشى لزيارته كلما كان الجو صافيا في أواخر الليل ، في نفس بناية صديقي هذا توجد شركة المصطفى لإلحاق العمالة المصرية بالخارج ، و كنت إن زرته خلال اليوم أجد بضعة شباب و رجال و فتيات و هم جلوس على عتبات السلالم أمام مكتب الشركة ، و عادة ما يطول انتظارهم.
في العمارة مصعد خشبي قديم ،حمولة ثلاثة أفراد كما كتبوا علية بورقة قبيحة ، و لازال بجوار لوحة المفاتيح فيه ، توجد لوحة نحاسية شديدة الأناقة ، و كتبت عليها تفاصيل صيانة المصعد بفرنسية منمنمة ، و بأسفل اللوحة ، توجد علامة الشركة الموردة ، موصيري -كورييل و شركاهم
موصيري هذا بالطبع هو اسم واحدة من أهم عائلات اليهود في القرن الماضي في القاهرة ، و كانو ضالعين في العديد من المؤسسات المالية ، حتى كان هناك بنك باسم موصيري لفترة ما ، و لا شك أن العائلة كانت من أعمدة الاقتصاد المصري في ذاك الوقت ، و يمكن مراجعة كتاب د.محمد أبو الغار حول اليهود ، أو الكتاب الأكثر تخصصا 'الرأسمالية اليهودية في مصر' أنس مصطفي كامل" و نشرته دار ميريت
أما كورييل ، فكان مليونيرا معروفا أيضا ، من كبار أثرياء اليهود ، اسمه دانييل نسيم كورييل و كان يمتلك مصرفاً بشارع الشواربي و فيلا في الزمالك- تبرع بها ابنه هنري لدولة الجزائر عند طرده من مصر ، و أصبحت سفارة لها - وهو من أسرة أسبانية الأصل هاجرت زمن محاكم التفتيش و اضطهاد اليهود في أواخر العصور الوسطى إلى عدة دول ، منها إيطاليا التي عاشت بها أسرة كورييل· وقد هاجرت الأسرة من إيطاليا إلى مصر سنة 1850م حسبما يذكر هنري كورييل في سيرته الذاتية لأن ظروف مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت تشجع على العمل.
و بالطبع فالابن هنري ، هو من مؤسسي الحركة الشيوعية المصرية و حركة حديتو ، و كانت لها ما لها من تأثير علي حركة الضباط الاحرار. رغم اختلاف النظريات و الآراء في الرجل
أعود لأصل الموضوع ، شركة المصطفى ، و مريدينها من المدرسين و المحاسبين و عداهم ، و هم جالسين علي الاعتاب في انتظار العقد فالسفر لبلاد النفط الحارة
و جدت هذه الكتابات علي المصعد ، و الا أذكر أنني تأثرت لشيء قرأته في حياتي مثل هذه الجملة البسيطة
يبدو أن الفتاة لم تحتمل فراق زوجها فسطرت مشاعرها – بعكس عادة المصريين – بشكل سافر على مرايا و زجاج المصعد
و هذه واحدة أخرى مكتوبة لفتاة- زوجة - حبيبة - أخت: ـ
و على حائط المصعد كتبت اخرى:ـ
لا ألوم دول النفط التي شتتنا لأعوام و أعوام ، و لا ألوم من تركت زوجها و من ترك حبيبته بحثا عن ما يسد رمقهما في مستقبلهما المشترك ، و لكن ، لا أعلم إلى متي ستظل بلادنا لا تأوينا ، و إلى متى سيجلس الاحباء على عتبات السفارات و الشركات آملين في السفر ، و باكين عند الفراق
من الغريب أنه في المتر المربع، أقرأ اسم عائلات هاجرت من إيطاليا في زمن ماضي لفردوس القاهرة، و الآن سافرت مي إلى بلدان لن ترحمها أبدا.
فليعود الغائبون
على وطن آخر ، في يوم آخر ، في زمان آخر
و يمكن أنا محبكها حبتين
١-
في حديقة الأورمان ، تطير طيور خضراء ضخمة ، تصدح بغريب الصوت ، ذيولها و رؤوسها ملونة ، و تعيش أعلى النخلات العاليات هناك ،في مجموعات من حوالي العشرة ، مع التركيز ، اكتشفت أنهم ببغاوات، ووفقا لكتاب تصفحته عن طيور مصر ، فإن هذه الطيور قد كانت تعيش في الأسر ، و هربت ، مكونة تجمعات و مستعمرات حرة لها في وسط المدينة ، في حديقتي الأورمان و الحيوانات.
لقد عاشت في النخلات نظرا لارتفاعها الشاهق، و بعدها عن الناس ، فهذه النباتات العملاقة زرعت هناك في بداية القرن ، و ظلت تنموا في تطورها الطبيعي بعيدا عن كل الجنون الذي أكل المدينة خلال كل هذه السنوات ، كانت المدينة تكبر ، و تتغير ، و تصير مسخا ضالا ، و استمرت النخلات في الصعود ، إيواء الطيور المحررة
و احتفظت نخلة منهن بهذا النقش الذي خطه عاشقان
مذيل بتاريخه لعام ١٩٤٩
٢-
في مبني عتيق كما أهوى ، يعيش صديق حميم لي ، أتمشى لزيارته كلما كان الجو صافيا في أواخر الليل ، في نفس بناية صديقي هذا توجد شركة المصطفى لإلحاق العمالة المصرية بالخارج ، و كنت إن زرته خلال اليوم أجد بضعة شباب و رجال و فتيات و هم جلوس على عتبات السلالم أمام مكتب الشركة ، و عادة ما يطول انتظارهم.
في العمارة مصعد خشبي قديم ،حمولة ثلاثة أفراد كما كتبوا علية بورقة قبيحة ، و لازال بجوار لوحة المفاتيح فيه ، توجد لوحة نحاسية شديدة الأناقة ، و كتبت عليها تفاصيل صيانة المصعد بفرنسية منمنمة ، و بأسفل اللوحة ، توجد علامة الشركة الموردة ، موصيري -كورييل و شركاهم
موصيري هذا بالطبع هو اسم واحدة من أهم عائلات اليهود في القرن الماضي في القاهرة ، و كانو ضالعين في العديد من المؤسسات المالية ، حتى كان هناك بنك باسم موصيري لفترة ما ، و لا شك أن العائلة كانت من أعمدة الاقتصاد المصري في ذاك الوقت ، و يمكن مراجعة كتاب د.محمد أبو الغار حول اليهود ، أو الكتاب الأكثر تخصصا 'الرأسمالية اليهودية في مصر' أنس مصطفي كامل" و نشرته دار ميريت
أما كورييل ، فكان مليونيرا معروفا أيضا ، من كبار أثرياء اليهود ، اسمه دانييل نسيم كورييل و كان يمتلك مصرفاً بشارع الشواربي و فيلا في الزمالك- تبرع بها ابنه هنري لدولة الجزائر عند طرده من مصر ، و أصبحت سفارة لها - وهو من أسرة أسبانية الأصل هاجرت زمن محاكم التفتيش و اضطهاد اليهود في أواخر العصور الوسطى إلى عدة دول ، منها إيطاليا التي عاشت بها أسرة كورييل· وقد هاجرت الأسرة من إيطاليا إلى مصر سنة 1850م حسبما يذكر هنري كورييل في سيرته الذاتية لأن ظروف مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت تشجع على العمل.
و بالطبع فالابن هنري ، هو من مؤسسي الحركة الشيوعية المصرية و حركة حديتو ، و كانت لها ما لها من تأثير علي حركة الضباط الاحرار. رغم اختلاف النظريات و الآراء في الرجل
أعود لأصل الموضوع ، شركة المصطفى ، و مريدينها من المدرسين و المحاسبين و عداهم ، و هم جالسين علي الاعتاب في انتظار العقد فالسفر لبلاد النفط الحارة
و جدت هذه الكتابات علي المصعد ، و الا أذكر أنني تأثرت لشيء قرأته في حياتي مثل هذه الجملة البسيطة
يبدو أن الفتاة لم تحتمل فراق زوجها فسطرت مشاعرها – بعكس عادة المصريين – بشكل سافر على مرايا و زجاج المصعد
و هذه واحدة أخرى مكتوبة لفتاة- زوجة - حبيبة - أخت: ـ
و على حائط المصعد كتبت اخرى:ـ
لا ألوم دول النفط التي شتتنا لأعوام و أعوام ، و لا ألوم من تركت زوجها و من ترك حبيبته بحثا عن ما يسد رمقهما في مستقبلهما المشترك ، و لكن ، لا أعلم إلى متي ستظل بلادنا لا تأوينا ، و إلى متى سيجلس الاحباء على عتبات السفارات و الشركات آملين في السفر ، و باكين عند الفراق
من الغريب أنه في المتر المربع، أقرأ اسم عائلات هاجرت من إيطاليا في زمن ماضي لفردوس القاهرة، و الآن سافرت مي إلى بلدان لن ترحمها أبدا.
فليعود الغائبون
على وطن آخر ، في يوم آخر ، في زمان آخر
و يمكن أنا محبكها حبتين