كان يسير متكئا على دراجته المتهالكة ، يجرها بجواره ، ثقيلة تبدو ، و رغم فتوته إلا أنه كان يجهده بقدر ما دفعه لهذه الدراجة القديمة في رأيي ، فقد كان قد حمّلها بصندوق خشبي مليء ببواقي متعفنة من خضر ، و أطعمة . يغلب عليها اللون البني.
مِن على الرصيف ، هبّت امرأة عجوز ، بجسد نحيل ، و سريع ، جرت خَلفه ممسكة بشيء في يدها... صرخت:
- إلحق ... إلحق..
توقف ، نظر نحوها في لا مبالاة ، و ربما عجرفة . لم ينبس بكلمة.
قالت: وِقعت منك العضْمة دي ..
و إذا بها تعيد في صندوقه عظمة نيئة من بقايا جزارة أو ما شابه. و تضعها بحرص بين الخضر التي يحملها. و كأنها تعيد كائنا على قيد الحياة .
قال: عضمِة ايه ياوليّة انتي؟ هو انا بتاع عضم؟
قالت: و الله شفتها وقعِت منك ..
قال: غوري بقى ..
و بعصاه ألقي بقطعة العظم أرضاً من على صندوقه بعنف ، فسقطت على الأرض تتدحرج حتى كادت ترتطم بقدم السيدة ، تلك التي رفعتها بسرعة .
قالت: باقولّك أنا شايفا....
قاطعها: يالله يا *س امك بلاش عَطَلة. أنا مش بتاع عضم.
و التفت سائرا في طريقه.
وقفت السيده قليلا مكانها، ثم عادت و جلست على الرصيف ، و بجسدها النحيل ، أخذت تتأمل العظْمة الملقاة على الأرض.