هو حطام بيت قديم .
ليس أكثر من ذلك ، كنت أفكر و أنا واقف على هذه الشرفة الواسعة ، ذلك السطح المترامي في وسط المدينة ، التي كانت يوما بيتا لأشخاص ما ، طمس التاريخ اسمائهم.
كنا نتحرك على ارضهم الخشبية ، ينفث صديقي الدخان في مكان كان يوما ممرا بين غرفهم ، ندردش في مربع كانوا يوما يجلسون فيه في الشتاء أمام مدفئتهم ، ليسمعون للراديو ، او ليقرؤن ، أو ربما ليمارسا حبا بطيئا في أكثر مكان حميمية لقلبي الزوجين صاحبا الدار. أو هكذا أتخيل.
ليس أكثر من ذلك ، كنت أفكر و أنا واقف على هذه الشرفة الواسعة ، ذلك السطح المترامي في وسط المدينة ، التي كانت يوما بيتا لأشخاص ما ، طمس التاريخ اسمائهم.
كنا نتحرك على ارضهم الخشبية ، ينفث صديقي الدخان في مكان كان يوما ممرا بين غرفهم ، ندردش في مربع كانوا يوما يجلسون فيه في الشتاء أمام مدفئتهم ، ليسمعون للراديو ، او ليقرؤن ، أو ربما ليمارسا حبا بطيئا في أكثر مكان حميمية لقلبي الزوجين صاحبا الدار. أو هكذا أتخيل.
كانت مدفئة لهما في شتاء قديم ما، و كانت هذه غرفة للمعيشة
بينما كنا نسير ، كان صديقي يتحدث في محموله ، و اطفأ سيجارته على الارض ، فكرت في ربة البيت ، قلت : أظنها كانت تدخن ، لدي شعور بذلك.
تحولت سيرا لأقف فيما كان يشبه الشرفة ، أو ما تبقي منها ، انظر للمدينة المترامية الأطراف أمامي ، آلاف اللواقط التليفزيونية ، كلا ، انها ملايين و ليست آلاف. تبدو غريبة جدا ، قلت له أن يعطيني سيجارة ، ففعل مستغربا.
سار بعيدا يتفقد شيئا و تركني ، حاولت الفكاك من النوستالچيا و لكن لم استطع ، كان أهل البيت في كل مكان هنا، أراهم ، أدرك كم أحبا المكان ، و أدرك كم أحبا بعضهما جدا لوقت طويل ، هو أمر استشعره تماما هنا .. هذان اللذان لا أعرف لهما إسما أو تاريخا أو ملة .
قلت في نفسي : الآن ، في هذا الهدوء ، لقد واراهما تراب مقبرة ما ، في القاهرة أو في بلد متوسطي آخر ، ربما امريكا او كندا ، ربما لازال أحدهما حيا يحن لبيته هنا يوما.. و لكن الزمان أتى و عصف بكل تفاصيلهما ، كل الأشياء التي حدثت ، كل صغائر الأمور ، تلك التي ظناها هامة و حاسمة لمصائرهم ، تلك الأزمات التي بكياها في ليال موجعة ، تلك الغصات الموجعة في الحلوق لأسباب عابرة ذوت الآن ، و لم يعد لها وجود.
كل قبلة اختلست هنا في هذا المطبخ ، كل مرة عاد رب البيت من الخارج و - ربما - كذب علي زوجته بشأن أمر ما ، كل لحظة خانها بجسده او بفكرة حمقاء -او جميلة- امتلكها ، كل مرة خانته ، كل مرة قال كاذبا أن الطعام جيد ، كل مرة تشاجرا لأنه لم يستمع لها جيدا ، كل مرة تضاجعا علي هذا المقعد ، او فعلاها فور دخولهما من هذا الباب للبيت و من دون أن ينطقا بكلمة ، أو ربما في هذا الحمام الذي لا زالت الوان القيشاني هي أكثر مربعات الشارع كله بهجة، كل هذه الأشياء رحلت الآن ، اصبحت نسيا منسيا ، تفاصيل صغيرة ، مرت بين السنوات العابرة ، و بقي ما يثير الخيال لذكراها.
هذان اللذان كانا هاهنا يوما ، مرت حياتهما عليهما فقط ، لم تمر علي الآخرين ، مرت في داخلهما ، و سرت بين حوائط هذا البيت ،و لكن لم يستمر البيت كما أرى ، و لا أعرف عن الحب ..
لا أعرف إن كانا قد كرها بعضهما في النهايات ، أو ربما كرها بعضهما في البدايات ، لا أعرف هل أختارت هي ورق الحائط و لون الستائر أم اختارهما لها ، لا أعرف إن كانت شاركته حياتها حقا و لا أعرف إن كان قد شاركها حياته أيضا ، فأنا لا أعرف شيئا ، لا أعرف البيت الغريب ، ولا أصحابه الغرباء ، قالوا لي زوجان يونانيان ، قالوا لي اسرة قبطية ، و قالوا لي امرأه كانت عجوزا في أواخر الثمانينات ، و جُهل خبر زوجها .
نعم ، لا أعرف الكثير ، كل ما اعرفه أن احداثهم التي مرت مؤلمة يوما ، هي الآن محض كلام عابر على مدونة لا يقرؤها الكثيرون ، و مدون يضرب بالغيب عن حياتهما منمقا كلماته قليلا.
و لكن ما أعرفه أكيدا ، أن هناك روحا ما في هذا الحطام مرتبطة بحب ذهب بلا رجعة ، مرتبطة بسعادة ما باغتت قلبا زوجين ، و ربما عبرا عنها بلغة لا اتحدثها من الأساس. أعرف أكيدا ان التفاصيل الأخرى قد تلاشت في عباب المدينة ، و لم يتبقى سوى ما يجب أن يتبقى : روح محملة حبا ، كنوع من المُطلقات.
أدرك في هذا المكان أنهما كانت لديهما فرصة يوما أن يتحابا .
و أحب أن أتخيل أنهما لم يضيعاها ...
تحولت سيرا لأقف فيما كان يشبه الشرفة ، أو ما تبقي منها ، انظر للمدينة المترامية الأطراف أمامي ، آلاف اللواقط التليفزيونية ، كلا ، انها ملايين و ليست آلاف. تبدو غريبة جدا ، قلت له أن يعطيني سيجارة ، ففعل مستغربا.
سار بعيدا يتفقد شيئا و تركني ، حاولت الفكاك من النوستالچيا و لكن لم استطع ، كان أهل البيت في كل مكان هنا، أراهم ، أدرك كم أحبا المكان ، و أدرك كم أحبا بعضهما جدا لوقت طويل ، هو أمر استشعره تماما هنا .. هذان اللذان لا أعرف لهما إسما أو تاريخا أو ملة .
قلت في نفسي : الآن ، في هذا الهدوء ، لقد واراهما تراب مقبرة ما ، في القاهرة أو في بلد متوسطي آخر ، ربما امريكا او كندا ، ربما لازال أحدهما حيا يحن لبيته هنا يوما.. و لكن الزمان أتى و عصف بكل تفاصيلهما ، كل الأشياء التي حدثت ، كل صغائر الأمور ، تلك التي ظناها هامة و حاسمة لمصائرهم ، تلك الأزمات التي بكياها في ليال موجعة ، تلك الغصات الموجعة في الحلوق لأسباب عابرة ذوت الآن ، و لم يعد لها وجود.
كل قبلة اختلست هنا في هذا المطبخ ، كل مرة عاد رب البيت من الخارج و - ربما - كذب علي زوجته بشأن أمر ما ، كل لحظة خانها بجسده او بفكرة حمقاء -او جميلة- امتلكها ، كل مرة خانته ، كل مرة قال كاذبا أن الطعام جيد ، كل مرة تشاجرا لأنه لم يستمع لها جيدا ، كل مرة تضاجعا علي هذا المقعد ، او فعلاها فور دخولهما من هذا الباب للبيت و من دون أن ينطقا بكلمة ، أو ربما في هذا الحمام الذي لا زالت الوان القيشاني هي أكثر مربعات الشارع كله بهجة، كل هذه الأشياء رحلت الآن ، اصبحت نسيا منسيا ، تفاصيل صغيرة ، مرت بين السنوات العابرة ، و بقي ما يثير الخيال لذكراها.
جزء من حائط الحمام لازال قائما
هذان اللذان كانا هاهنا يوما ، مرت حياتهما عليهما فقط ، لم تمر علي الآخرين ، مرت في داخلهما ، و سرت بين حوائط هذا البيت ،و لكن لم يستمر البيت كما أرى ، و لا أعرف عن الحب ..
لا أعرف إن كانا قد كرها بعضهما في النهايات ، أو ربما كرها بعضهما في البدايات ، لا أعرف هل أختارت هي ورق الحائط و لون الستائر أم اختارهما لها ، لا أعرف إن كانت شاركته حياتها حقا و لا أعرف إن كان قد شاركها حياته أيضا ، فأنا لا أعرف شيئا ، لا أعرف البيت الغريب ، ولا أصحابه الغرباء ، قالوا لي زوجان يونانيان ، قالوا لي اسرة قبطية ، و قالوا لي امرأه كانت عجوزا في أواخر الثمانينات ، و جُهل خبر زوجها .
ورق حائط غرفة المعيشة ، الذي طالما حافظا عليه
نعم ، لا أعرف الكثير ، كل ما اعرفه أن احداثهم التي مرت مؤلمة يوما ، هي الآن محض كلام عابر على مدونة لا يقرؤها الكثيرون ، و مدون يضرب بالغيب عن حياتهما منمقا كلماته قليلا.
و لكن ما أعرفه أكيدا ، أن هناك روحا ما في هذا الحطام مرتبطة بحب ذهب بلا رجعة ، مرتبطة بسعادة ما باغتت قلبا زوجين ، و ربما عبرا عنها بلغة لا اتحدثها من الأساس. أعرف أكيدا ان التفاصيل الأخرى قد تلاشت في عباب المدينة ، و لم يتبقى سوى ما يجب أن يتبقى : روح محملة حبا ، كنوع من المُطلقات.
أدرك في هذا المكان أنهما كانت لديهما فرصة يوما أن يتحابا .
و أحب أن أتخيل أنهما لم يضيعاها ...
عزيزى
ردحذفروعه كلماتك دائما تمنعنى من التعليق
فقط اريد ان اقول انى موجود هنا دائما
عمق كلماتك و صدقها يطمئنانى بان حياة ذو بعد ثالث موجودة دائما لمن يرغب بها
تحياتى
جيد ولا شئ أخر
ردحذفأحب هذا النوع من الخيال
وهذا النوع من الكتابه المرتبط بأناس لا نعرفهم
لكن نتخيلهم ونتخيل حياتهم من خلال شئ بسيط تبقى
جيد
لسبب غير مفهوم تلقيت حنينك كانه نوع من الطرب لزامر الحي البعيد .. على الاغلب كانت حياتهم حياة مملة ، وحتى لحظات الجنس بينهم كانت من باب تأدية الواجب، وقد توقفا عن فعلها بعد تجاوزه سن الخامسة والثلاثين !
ردحذف..
بصراحة، عندما أفكر ان شخص ما سيمر في حطام شقتي بعد مئة سنة ويدخل الحمام يعجب بالقيشاني ويفكر في حياتي ويشعر بالنوستالوجيا ويتخيل كم مرة مارست الجنس، كنت ساكتب له شيء من قبيل: ذيس إز وير آي ميك بيبي، هاو رومانتيك إز ذات يا خواجة ؟
أحب صور الأطلال.
ردحذفو أفعل الشيء ذاته الذي فعلته في تدوينتك هذه فأعيد في خيالي رسم حيوات أناس ذهبوا.
لا زلت ألوم نفسي لأني لم أتنشط بما يكفي لأنزل لألتقط صورة أخيرة لأطلال منزل في السيدة زينب لمحته و هو هُدم أكثره لكن بقيت فيه لمسه من جمال غابر؛ مشربية عملاقة، ربما كانت تضيء الدرج، و شجرة عتيقة تلوحان عن بعد من خلف سور.
وأنا أيضا أحب أن أتخيل شخوص الأماكن
ردحذفجميل جدا تصورك:)
عاده عربيه قديمه
ردحذفمن ايام وقفت علي الديار ديار ليلي
اعتقد هي رغبة في الالتصاق بالاشياء
ورغبة في التشبث بالماضي
تحمل قدرا كبيرا من الشاعرية والشجن
تحياتي
بعد القراءه
ردحذفللمره الخامسه
وفى كل مره ينتابنى تخيل اخر وخيال اخر لروايه اخرى
غير التى كونتها فى المرات الفائته
لكننى ادرك
ولو لمرات عديده
انك مبدع
حقا
اخاف من الكلمات
لكن هذى المره احسست انها مخدعى الوحيد
دمت مدعا
أشكر الجميع ، البيت في عابدين ، و حالته أسوأ كثيرا مما يظهر في الصور.
ردحذفالسيد البلياتشو
مرحبا بك ، و الله إن وجود أمثال تعليقاتك هو الذي يجعل التدوين عملية مسلية.
و لكنني أتعجب .. ألم يجر العرف أن تكتب الانجليزية بأحرف لاتينية؟ أم ماذا كان المقصود؟ باستثناء خفة الدم الرهيبة عزيزي البلياتشو؟
ادامك الله.