أتصور أن هناك ثلاث أشياء خرجت بالكراهية من حيز المشاعر إلى حيز الفعل:
أولاً : حدث القرن الرهيب 11/9 و ما تبعه من حوادث إرهابية تختلف في القدرات التنظيمية و عدد المتورطين بدءاً من العمليات الإنتحارية التي يقوم بها أفراد و انتهاءاً بالعمليات المعقدة مثل سبتمبر و مدريد و لندن و شرم الشيخ...الخ و أظن أن تأثير 11/9 كان متعدد الجوانب فقد:
1. فتح محاور الصراع و جبهات القتال.. فلم تعد فلسطين أو العراق أو الشيشان هي محور الصراع، تنوع الصراع و تنوعت الأعداء ما بين صهاينة و أمريكان و غرب بل و أحياناً عرب و مسلمين ذوي وجهات نظر مختلفة، و لم تعد فلسطين أو العراق أو الشيشان هي أرض المعركة و إنما أصبح العالم بأسره ارض المعركة و أصبح المدنيين هم الهدف و الوقود بل و أحياناً السلاح ذاته.
2. كانت جهنمية الحدث كفيلة بأن تفتح الباب أمام ملايين المشاريع الارتجالية من شباب الإسلام اليائس من عدالة العالم و الباحث بوعي أحياناً و بلا وعي في معظم الأحيان عن حل لقضاياه، فبعد 11/9 فكر كل من شارف على هاوية في أن يجعل لوجوده معنىً و لفناءه هدف.
3. كانت بساطة الفكرة و وضوحها ملهماً للعديد من الأفكار البسيطة و الموجعة خاصة و أن الأمن القومي و أجهزة الدولة مهما بلغت قدراتها الإستخبارية تستطيع سرد و تحليل أي عمل إرهابي و تفسير دوافعه و آلياته بعد حدوث الهجوم و ليس قبله، فقد يتكهن خبراء الأمن بقنبلة مزروعة و لكنهم يقفون عاجزين أمام قنبلة بشرية تنخرط وسط الناس.
4. أسهم 11/9 في إعلاء الإنتماء الديني فوق الانتماءات العرقية أو الإقليمية، فالمسلم في جبال الشيشان يصبح بطبيعة الحال أقرب من جاري القبطي و الذي قد عاشرته و عاشره أجدادي مئات السنين.
ثانياً: الفوضى المعلوماتية التي نسبح فيها بشكل عشوائي غير منظم و التي تتسع مساحتها يوماً بعد الآخر و تتراكم معلوماتها دون أن يكون هناك وقت أو كفاءة لهضم تلك المعلومات، فقد جعلت تلك الفوضى من حق الجميع الحديث و السب و التآمر و التآمر المضاد...و أصبح المتلقي لهذا الكم الرهيب من المعلومات يحس من ناحية بفوضى في التفكير خاصة إذا لم يستند إلي قاعدة من المعرفة، و يحس في أحيان كثيرة برغبة في المشاركة، فيصبح هو الآخر بدوره صانعاً للمعلومة مشاركاً فيها لتنتقل تلك المعلومة لقطاع آخر من المتلقين فتؤثر فيهم، و الكلمة المطبوعة أكثر أثراً من الكلمة المكتوبة بخط اليد و الصورة المنقولة عبر الشاشات أكثر تأثيراً من الخطابة المباشرة خاصة إذا ما تم معالجتها و هندمتها على الطريقة الدعائية الأمريكية. أقول أنه في ظل تلك الفوضى المعلوماتية و غياب المعرفة و التعليم و التربية في شرقنا الأوسط الذي تبلغ فيه معدلات الأمية أرقاماً مرتفعة ، يصبح من المنطقي أن ينجرف العديد من أبناء المنطقة إلى المشاركة في الأحداث وفقاً لرؤيتهم المحدودة لطبيعة الوضع بل و رؤيتهم للعالم و تصورهم عنه.
ثالثاً: حالة الغليان التي تعاني منها مصر و قد تم رفع العديد من التابوهات مؤخراً فكُشف المستور و رأينا عوراتنا للمرة الأولى و أحسسنا بهول و فداحة الموقف، و بدأنا نصل شيئاً فشيئاً إلى الحقيقة المؤلمة و هي أننا عراة لا يسترنا أي شيء فلا حكومة و لا أمن و لا كوادر و الموارد على وشك الإنتهاء...خرج الجميع ليتفلسف و يشرح و يقنن و يفتي ففوجئنا أن من يقفون على رأس المؤسسات كوادر أقل ما توصف به أنها أقل من المتوسطة، و حتى المعارضة التي ظهرت و كأنها أمل قد نلتف حوله كانت هزيلة و غير مقنعة بالمرة... و مسلسل بيع القطاع العام أثبت بما لا يدع مجالاً للشك فشل الحكومة و فداحة الكارثة التي نقف أمامها. في ظل تلك الظروف و التي تحتاج بشكل حيوي إلى التكاتف و البحث عن آلية عمل و تنمية كوادر يمارس الأمن بهستيرية شديدة و تخبط و جهل و عدم مسئولية دور "المحتل الخارجي" فيبدو و كأنه ليس من أبناء هذا الوطن، يهمه في النهاية التقارير و الترقيات و إلقاء التهم على أبرياء من أجل التخلص من المسئولية، و يتفرغ في الوقت نفسه لدوره الرئيسي في حماية الوزراء و العائلة المالكة، و يتصرف تجاه الشعب و كأنهم فئة أدنى من البشر..
في ظل ذلك يصبح المناخ مهيئاً للتجنيد، تجنيد الأصوليين من أجل حرب مقدسة تضع حداً للمعاناة الدنيوية، و لا تكلف النفس عناء العمل و الاجتهاد و الصبر و بناء الوطن، و في الوقت نفسه تقف الحور العين اللاتي لم يمسسهن بشر في انتظار الشهداء على بعد دقائق من الآن، بمجرد أن تفجر نفسك أمام مطعم في دهب أو شرم الشيخ أو لندن ...
أولاً : حدث القرن الرهيب 11/9 و ما تبعه من حوادث إرهابية تختلف في القدرات التنظيمية و عدد المتورطين بدءاً من العمليات الإنتحارية التي يقوم بها أفراد و انتهاءاً بالعمليات المعقدة مثل سبتمبر و مدريد و لندن و شرم الشيخ...الخ و أظن أن تأثير 11/9 كان متعدد الجوانب فقد:
1. فتح محاور الصراع و جبهات القتال.. فلم تعد فلسطين أو العراق أو الشيشان هي محور الصراع، تنوع الصراع و تنوعت الأعداء ما بين صهاينة و أمريكان و غرب بل و أحياناً عرب و مسلمين ذوي وجهات نظر مختلفة، و لم تعد فلسطين أو العراق أو الشيشان هي أرض المعركة و إنما أصبح العالم بأسره ارض المعركة و أصبح المدنيين هم الهدف و الوقود بل و أحياناً السلاح ذاته.
2. كانت جهنمية الحدث كفيلة بأن تفتح الباب أمام ملايين المشاريع الارتجالية من شباب الإسلام اليائس من عدالة العالم و الباحث بوعي أحياناً و بلا وعي في معظم الأحيان عن حل لقضاياه، فبعد 11/9 فكر كل من شارف على هاوية في أن يجعل لوجوده معنىً و لفناءه هدف.
3. كانت بساطة الفكرة و وضوحها ملهماً للعديد من الأفكار البسيطة و الموجعة خاصة و أن الأمن القومي و أجهزة الدولة مهما بلغت قدراتها الإستخبارية تستطيع سرد و تحليل أي عمل إرهابي و تفسير دوافعه و آلياته بعد حدوث الهجوم و ليس قبله، فقد يتكهن خبراء الأمن بقنبلة مزروعة و لكنهم يقفون عاجزين أمام قنبلة بشرية تنخرط وسط الناس.
4. أسهم 11/9 في إعلاء الإنتماء الديني فوق الانتماءات العرقية أو الإقليمية، فالمسلم في جبال الشيشان يصبح بطبيعة الحال أقرب من جاري القبطي و الذي قد عاشرته و عاشره أجدادي مئات السنين.
ثانياً: الفوضى المعلوماتية التي نسبح فيها بشكل عشوائي غير منظم و التي تتسع مساحتها يوماً بعد الآخر و تتراكم معلوماتها دون أن يكون هناك وقت أو كفاءة لهضم تلك المعلومات، فقد جعلت تلك الفوضى من حق الجميع الحديث و السب و التآمر و التآمر المضاد...و أصبح المتلقي لهذا الكم الرهيب من المعلومات يحس من ناحية بفوضى في التفكير خاصة إذا لم يستند إلي قاعدة من المعرفة، و يحس في أحيان كثيرة برغبة في المشاركة، فيصبح هو الآخر بدوره صانعاً للمعلومة مشاركاً فيها لتنتقل تلك المعلومة لقطاع آخر من المتلقين فتؤثر فيهم، و الكلمة المطبوعة أكثر أثراً من الكلمة المكتوبة بخط اليد و الصورة المنقولة عبر الشاشات أكثر تأثيراً من الخطابة المباشرة خاصة إذا ما تم معالجتها و هندمتها على الطريقة الدعائية الأمريكية. أقول أنه في ظل تلك الفوضى المعلوماتية و غياب المعرفة و التعليم و التربية في شرقنا الأوسط الذي تبلغ فيه معدلات الأمية أرقاماً مرتفعة ، يصبح من المنطقي أن ينجرف العديد من أبناء المنطقة إلى المشاركة في الأحداث وفقاً لرؤيتهم المحدودة لطبيعة الوضع بل و رؤيتهم للعالم و تصورهم عنه.
ثالثاً: حالة الغليان التي تعاني منها مصر و قد تم رفع العديد من التابوهات مؤخراً فكُشف المستور و رأينا عوراتنا للمرة الأولى و أحسسنا بهول و فداحة الموقف، و بدأنا نصل شيئاً فشيئاً إلى الحقيقة المؤلمة و هي أننا عراة لا يسترنا أي شيء فلا حكومة و لا أمن و لا كوادر و الموارد على وشك الإنتهاء...خرج الجميع ليتفلسف و يشرح و يقنن و يفتي ففوجئنا أن من يقفون على رأس المؤسسات كوادر أقل ما توصف به أنها أقل من المتوسطة، و حتى المعارضة التي ظهرت و كأنها أمل قد نلتف حوله كانت هزيلة و غير مقنعة بالمرة... و مسلسل بيع القطاع العام أثبت بما لا يدع مجالاً للشك فشل الحكومة و فداحة الكارثة التي نقف أمامها. في ظل تلك الظروف و التي تحتاج بشكل حيوي إلى التكاتف و البحث عن آلية عمل و تنمية كوادر يمارس الأمن بهستيرية شديدة و تخبط و جهل و عدم مسئولية دور "المحتل الخارجي" فيبدو و كأنه ليس من أبناء هذا الوطن، يهمه في النهاية التقارير و الترقيات و إلقاء التهم على أبرياء من أجل التخلص من المسئولية، و يتفرغ في الوقت نفسه لدوره الرئيسي في حماية الوزراء و العائلة المالكة، و يتصرف تجاه الشعب و كأنهم فئة أدنى من البشر..
في ظل ذلك يصبح المناخ مهيئاً للتجنيد، تجنيد الأصوليين من أجل حرب مقدسة تضع حداً للمعاناة الدنيوية، و لا تكلف النفس عناء العمل و الاجتهاد و الصبر و بناء الوطن، و في الوقت نفسه تقف الحور العين اللاتي لم يمسسهن بشر في انتظار الشهداء على بعد دقائق من الآن، بمجرد أن تفجر نفسك أمام مطعم في دهب أو شرم الشيخ أو لندن ...