٢٣‏/٠١‏/٢٠٠٦

كرسبي تشيكن، و هراوات المخبرين... و أشجار الكوربة


بعد حيرة طويلة، وقع اختيري على كريسبي تشيكن،قمت بالدفع، و أعطيت الرجل تعليماتي الهامة بشأن المايونيز الذي لا أطيقة، نافحا إياه نص جنيه..

و نظرا للبرودة الشديدة، حتى داخل المحل، اضطررت للانتظار داخل سيارتي المتهالكة، و الحق أقول أنها لم تفدني كثيرا في التدفئة- فقد كنا تجاوزنا الواحدة صباحا - لكن أفادتني في رؤية سيارة الشرطة (البوكس) تقف على بعد عدة أمتار، و هي مكدسة بأناس ضخام، يرتدون مدني (جواكت) و في يد كل منهم شومة غليظة ضخمة، قلت : عجبا ، أأصبح حي مصر الجديدة العريق مأوى للإرهابيين؟ - و ظللت أتابع تحرك هؤلاء السادة، فإذا بهم يتحركون بشكل أدهشني إلى ابعد حد، فما أن توقفت السيارة، حتى بدأ الرجال بنسلون من السيارة في خفة و هدوء، و هم يحنون أجسادهم، و ينزلون من السيارو في بطء شديد متخذين مواقعهم خلف السيارات الواقفة في تربص مريب... رجال ضخام إلى أبعد مدي، يمشون في وضع القرفصاء، و بين الحين و الحين يرفعون رؤوسهم ليتابعوا- من خلال زجاج السيارات - ما بدا و كأنه الهدف الذي يتحركون بهدوء نحوه - الذي لم أستطع تبينه من مكانين كما منعني خوفي من النزول حتى لا يدروا بوجودي في قلب الأحداث- كانت طريقة التربص التي نهجوها هذه، تذكرني بما اعتدت على مشاهدته في أنيمال بلانيت حينما يقوم أحد اللواحم بتتبع الفريسة، متحاميا في الأحراش،متخذا اتجاها يعاكش اتجاة الريح. و بينما انا على حالي هذا، إذا بهم بنقضون من اماكنهم على هدفهم المجهول،في نفس الوقت الذي أشار لي البائع في المحل أن طعامي جاهز،نزلت ... فقد كان جميع الرجال قد اختفوا خلف العمارة..أخذت السندويتش، و بينما أعود للسيارة، وجدت الرجال قد عادوا بخطى واثقة كما الفاتحين، و في يد كل منهم الشومه، باستثناء اثنان، كانا يجران بائعة مناديل متكورة على نفسها، و دفعوها في العربة!

نظرت في البوكس، لم يكن من ضابط فيه، هذه العملية تمت بدون أي نوع من الإشراف، و كان لهؤلاء البواسل السلطة المطلقة.
أكتب هذا الحديث لأتساءل، هل تخصم منا ضرائبنا لتُنفق على ذلك؟ أليس لديهم شيء أفضل ليفعلونه؟ هل البائعة التي يشتري أو لا يشتري منها الناس - كل وفق رغبتة- احتاجت هذا العدد؟ و هل يجب القبض عليها أصلا؟
و لكن أهم ما أطرحه هنا... هو أنا! ماذا كان دوري؟ ماذا كان مكن المفترض بي أن أفعله؟ هل لي أي حق في التدخل أم - كالعادة - ماليش أي حقوق؟.....................

تذكرت المرة التي كنت أسير نحو موعد عمل في إحدى الشركات في منطقة الكوربة، و هي المنطقة التي أحببتها بشكل مريض، فإذا بي أشاهد سيارة نقل كبيرة و بجوارها بضعة رجال، يقومون بقطع إحدى الأشجار الضخمة القديمة، الشجرة كبيرة ، خضراء قوية، عمرها يقارب القرن، كان الرجال ينشرونها بمنشار كهربي، و كانت العربة النقل حكومية، قلت لزميلي في العمل أننا لا بد ان نوقفهم، خصوصا حينما رايت أن الشجرتين التين كانتا في الشارع قبلها قد تم قطعهما ووضعهما في النقل، و تمت تعرية نصف شارع الكوربة من أشجاره ،عبرت الطريق مهرولا بسرعة و سألت الرجل بثقة (كان عاملا صعيديا) عما يفعل، فاجاب أن الأشجار كبرت و انها خطر على المارة، سألته ان يريني تصاريحه، فارتبك، و نزل سائق العربة،و انضم لهؤلاء الرجال الذين - فجأة - بدؤا في التبرير و تطييب خاطري، و المثير أنهم تركوا الشجرة و انصرفوا من توهم!!! و للمرة الأخرى جميع الواقفين أناس بسطاء قرويين، ليس معهم أي إشراف من الحي، وليس هناك من أعطى أمرا!!
و لا زلت كلما مررت في شارع الكوربة أشعر انني أنقذت نصف أشجاره، و تراث و طابع المكان، و لكنني أيضا أرى نصف الشارع الأول العاري الذي لا اعلم ما الذي جعلهم يقدمون على ذلك، باستثناء بيع الأخشاب...

لا ادري لماذا نشاهد اناسا يسلكون انواعا من الأفعال، أبعد ما تكون عن سلوك الإنسان، الذي من المفترض أنه تحضّر بعد آلاف السنين من الحروب، و الأمراض، و القنابل و التصحر، و الفقر و الديكتاتورية و الإرهاب، و لكن لا زال الإنسان على حاله.

....برنامجا عنوانه قلب اللبؤةAnimal Planet أخيرا أتذكر أني شاهدت في
عن إحدى اللبؤات التي انفصلت عن القطيع، و قررت أن تتبني عجلا صغيرا!! تحميه و ترعاه كأحد بنات جلدها!! و لكن إذا كان هذا الحدث قد كان في أعماق غابات أفريقيا القاسية، فإني لا أظن أنه قابل للتحقق هنا، ستبقى اللبؤة تطارد الفرائس السهلة إلى الأبد... و يحيا قانون الغاب.

هناك ٤ تعليقات:

  1. بل و قرأت أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يقتل لأسباب غير الغذاء و الدفاع، فالبشر يخرجون في رحلات صيد و هم ليسوا في حاجة لطعام، و تتناحر جيوش في أقاصي الأرض لأسباب عجيبة،

    و الإنسان هو الوحيد بين المخلوقات الذي يمارس التعذيب، فحتى الأسد حينما يصطاد يمسك في خناق ضحيته حتى تموت، مقللا دقائق ألمها إلى أقصى قدر ممكن.

    فضلا عن أن الآدمي يأكل كل شيء،أي شيء في الهرم الغذائ طعام له، سواء لحوم أو خضر أو طحالب أو فطريات أو حتي زواحف و حشرات. و لكنني سمعت مؤخرا أن هناك نوع من الصرصور يكيف نفسه على التغذي بأي شىء محيط.

    و عجبي

    ردحذف
  2. في لينيجراد (بطرسبرغ حالياً)قام بعضهم بسرقة بيانو كودا من وسط الكونسيرفاتوار في عز النهار و أثناء الدراسة حيث قام بعض العمال بفتح الأبواب على مصراعيها و تحميل البيانو و لم يجرؤ أحد على سؤالهم ليقين الناس بأن أحداً لن يفعل ذلك دون أن تكون لديه أوامر.

    ردحذف
  3. غير معرف٤/٠٣/٢٠٠٦

    فعلا! الناس دي بتقطع من دماغها؟!

    أنا كنت فاكر أن الحي بغباء موظفيه هو ال بيصورلهم فعلا أن الأشجار خطر..أمّا أني ساذج صحيح.

    طب فاكر الأشجار ال في الشارع ال بين لطفي و نادي هليوبوليس؟..حاجة تقرف.

    بالمناسبة، لافتة القضاة لو نزلت (أو ربطت) الأصل منها من هنا سيكون التلت الأسفل منها شفافا و ليس أسودا. لكن لا تحولها من PNG إلى JPEG. لو عاجبك الأسود طبعا مفيش مشكلة :)

    ردحذف
  4. شكلك هليبولسجي!و الله الناس دول أنا متأكد إنهم ما كانش عندهم اي نوع من الاوامر، و إنهم بيبيعوا الخشب!
    بالنسبة للوحة القضاة انا كنت فاكرها سوده على اسا العلم يعني و كده! متهيألي سودة أوقع ، أهي تعبر عن الحال بردو

    :)

    ردحذف

المدونة و التدوينات ، بلا حقوق فكرية ، باستثناء الأعمال الفنية و الموسيقات فهي ملكية خاصة لأصحابها.

  ©o7od!. Template by Dicas Blogger.

TOPO