حدث في أحد الأيام أن كان هناك فيلا عملاقا يعيش بجوار إحدى القرى ، و كان فيلا قاتلا عنيفا ، كثيرا ما هاجم سكان القرية الودعاء.
حاول القرويون مرارا قتله أو إبعاده و إقصائه ، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا ، بل و غالبا ما خافوا حتى من ترك منازلهم لعله يلاقيهم في الطريق و يفتك بهم أو يدمر بيوتهم .
حتى كان يوم اجتمع فيه حكماء القرية ، و تحدثوا طويلا في أمر الفيل ، و ما له و ما عليه ، سكت كبير الحكماء طويلا ثم بدأ في الحديث ، و حينها التزم الجميع الصمت و أطرقوا الآذان.
"من يستطيع تدمير الفيل ، له جائزة ضخمة" ، قال.
ضج الجمع باللمز و الهمز ، و لكن ما لبثوا إلا أن تأججت عزيمتهم فتجمع حينها أشهر صيادي القرية لقتله طلبا للجائزة ، و شرعوا في اقتفائه ،إلا انهم اخفقوا جميعا. لأسباب لا محل لها هنا.
و حدث - أيضا - أن كان هناك ضبع يعيش قرب القرية سمع خبر الجائزة ، فتنامَت إلي عقله فكرة ، فعدى نحو كبير الحكماء بالقرية و طلب في تأدب : "أؤمر لي أهالي قريتك أن يشقوا طريقا بين الأعشاب و الأحراش بطول ٢٠ ميلا ، هذا ما أحتاجه لضمان خطتي للقضاء على الفيل".
صمت كبير الحكماء لوقت اختلفوا حوله ، ثم أنشأ يقول: " لك ما طلبت أيها الضبع ، سنشق لك الطريق ، و إن نجحت فإنني لمعطينك طعاما مديدا ، و حشية وثيرة لتنام عليها ، و بيتا منيفا بدلا من سكناك الأحراش ، فضلا عن مكافأة أخرى قيمة من عملتنا المحلية"
و هكذا شق القريون للضبع طريقا معبدة بطول عشرين ميلا و عرض ربع ميل ، تبدأ من القرية و تنتهي في عمق الغاب.
حينما اكتمل العمل ، و رضي الضبع عن اداء القرويين ، قال: " أحسنتم" ، ثم شرع في تنفيذ مخططه .
جرى نحو الفيل في الغابة و دار حوار:
الضبع: يا فيل.
الفيل: نعم.
الضبع: إنني عازم على مسابقتك ، و هزيمتك.
الفيل: لن تستطيع (ضاحكا)
الضبع: بلى ، استطيع.
الفيل: هراء، ثم ماذا لك من هزيمتي؟
الضبع: لأثبت أنك غير قادر على العدْو سريعا.
الفيل: ياللسذاجة (ثم شتمه)
انتهى الحديث أن اتفق الغريمان على التسابق في اليوم التالي ، في الطريق الممهدة الجديدة ، من الغابة باتجاه القرية.
ثم انطلق الضبع سريعا نحو جماعته من الضباع ، و عرض عليهم الآتي : أن يساعدوه على هزيمة الفيل في السباق ، و بما أن أهل القرية يخافون الفيل، فإن أول ما سيفعلونه عند رؤيتهم للسباق و الفيل يعدو نحو ديارهم ، أن يهربو تاركين القرية ببيوتها ، و طعامها ، و طيورها ، هنا يتسنى للضباع سرقة ما لذ و طاب من دورهم.
قال أحد الضباع: هاه ... يالك من احمق ، و كيف لك بمجاراة الفيل و هو اسرع و اضخم منك؟
رد الضبع: لأن كل منكم أخوتي سيختبيء في الأحراش بطول الطريق المعبدة ، و بعد كل ميل سيتم استبدال الضبع الذي يركض، بواحد جديد يخرج خفية من جانب الطريق ، و بالتالي سيتعب الفيل قبل أي منا ، و سيستمر في العدو طوال العشرين ميلا. بينما نحن نشطاء نتجدد.
أما من ناحية أخرى ، فقد كان الفيل يشعر بمرارة و غصة في حلقة ، قضى ليلة سيئة ، و كان يلوم على نفسه كيف أصبح الضباع يساوون أنفسهم به ، و كيف هان به الحال لهذه الدرجة ، و قال في سره أن وجوده و شرفه كـــفيل أصبح على المحك ، و أن لا مكان للهزيمة أو التراضي.
في اليوم المشهود ، كان الفيل و الضبع في أول الطريق بينما تلوح القرية في الأفق ، و انطلقا في جري مستمر. و كما كانت الخطة ، عند كل ميل كان يختفي الضبع المتسابق قافزا بسرعة في الأحراش ليحل محله ضبع آخر نشيط على الطريق. و هكذا استمر الفيل في الجري مدفوعا بجنون عظمة تاريخي ، و رغبة مميته في النصر.دون أن يلاحظ المتغيرات ، و المتغيرون.
و على اعتاب القرية ، كان الفيل قد هدّهُ التعب فسقط صريعا ، و هو يرى القرية أمامه كآخر مشاهد حياته الصاخبة.
حينها تجمهر الضباع و قد تأكدو من النصر، و توجهوا فورا للقرية طلباً لنفائس أهلها و بيوتهم.
و لكن ما أن وصلوا للقرية إلاّ ووجدوها خاوية على عروشها ، فقد هجرها أهلها أثناء السباق باحثين عن أراض أخرى أكثر أمنا ، حاملين - مع يأسهم - كل ما لهم من طعام و شراب و حيوان و نفائس ، و لم يعد فيها سوى السُدى.
تجمع الضباع حول الفيل الملقى أرضا، كان قد مات ، و لم يستفيدوا من الجائزة ، و لا من نفائس القرويين ، و لم يجدوا حتى من يشاركهم سعادة نصر سريع.
غادرت الضباع في صمت حلبة السباق ، مكملين حياتهم التي عهدوها. بدون يقين واضح حول أي الأطراف انتصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة من موروثات الغرب الأفريقي ، ليس لها أي علاقة بأي وضع سياسي راهن ، و تذكرتها هنا بكثير جدا من التصرف.
حاول القرويون مرارا قتله أو إبعاده و إقصائه ، لكنهم فشلوا فشلا ذريعا ، بل و غالبا ما خافوا حتى من ترك منازلهم لعله يلاقيهم في الطريق و يفتك بهم أو يدمر بيوتهم .
حتى كان يوم اجتمع فيه حكماء القرية ، و تحدثوا طويلا في أمر الفيل ، و ما له و ما عليه ، سكت كبير الحكماء طويلا ثم بدأ في الحديث ، و حينها التزم الجميع الصمت و أطرقوا الآذان.
"من يستطيع تدمير الفيل ، له جائزة ضخمة" ، قال.
ضج الجمع باللمز و الهمز ، و لكن ما لبثوا إلا أن تأججت عزيمتهم فتجمع حينها أشهر صيادي القرية لقتله طلبا للجائزة ، و شرعوا في اقتفائه ،إلا انهم اخفقوا جميعا. لأسباب لا محل لها هنا.
و حدث - أيضا - أن كان هناك ضبع يعيش قرب القرية سمع خبر الجائزة ، فتنامَت إلي عقله فكرة ، فعدى نحو كبير الحكماء بالقرية و طلب في تأدب : "أؤمر لي أهالي قريتك أن يشقوا طريقا بين الأعشاب و الأحراش بطول ٢٠ ميلا ، هذا ما أحتاجه لضمان خطتي للقضاء على الفيل".
صمت كبير الحكماء لوقت اختلفوا حوله ، ثم أنشأ يقول: " لك ما طلبت أيها الضبع ، سنشق لك الطريق ، و إن نجحت فإنني لمعطينك طعاما مديدا ، و حشية وثيرة لتنام عليها ، و بيتا منيفا بدلا من سكناك الأحراش ، فضلا عن مكافأة أخرى قيمة من عملتنا المحلية"
و هكذا شق القريون للضبع طريقا معبدة بطول عشرين ميلا و عرض ربع ميل ، تبدأ من القرية و تنتهي في عمق الغاب.
حينما اكتمل العمل ، و رضي الضبع عن اداء القرويين ، قال: " أحسنتم" ، ثم شرع في تنفيذ مخططه .
جرى نحو الفيل في الغابة و دار حوار:
الضبع: يا فيل.
الفيل: نعم.
الضبع: إنني عازم على مسابقتك ، و هزيمتك.
الفيل: لن تستطيع (ضاحكا)
الضبع: بلى ، استطيع.
الفيل: هراء، ثم ماذا لك من هزيمتي؟
الضبع: لأثبت أنك غير قادر على العدْو سريعا.
الفيل: ياللسذاجة (ثم شتمه)
انتهى الحديث أن اتفق الغريمان على التسابق في اليوم التالي ، في الطريق الممهدة الجديدة ، من الغابة باتجاه القرية.
ثم انطلق الضبع سريعا نحو جماعته من الضباع ، و عرض عليهم الآتي : أن يساعدوه على هزيمة الفيل في السباق ، و بما أن أهل القرية يخافون الفيل، فإن أول ما سيفعلونه عند رؤيتهم للسباق و الفيل يعدو نحو ديارهم ، أن يهربو تاركين القرية ببيوتها ، و طعامها ، و طيورها ، هنا يتسنى للضباع سرقة ما لذ و طاب من دورهم.
قال أحد الضباع: هاه ... يالك من احمق ، و كيف لك بمجاراة الفيل و هو اسرع و اضخم منك؟
رد الضبع: لأن كل منكم أخوتي سيختبيء في الأحراش بطول الطريق المعبدة ، و بعد كل ميل سيتم استبدال الضبع الذي يركض، بواحد جديد يخرج خفية من جانب الطريق ، و بالتالي سيتعب الفيل قبل أي منا ، و سيستمر في العدو طوال العشرين ميلا. بينما نحن نشطاء نتجدد.
فيل أفريقي يركض - الصورة من فليكر
أما من ناحية أخرى ، فقد كان الفيل يشعر بمرارة و غصة في حلقة ، قضى ليلة سيئة ، و كان يلوم على نفسه كيف أصبح الضباع يساوون أنفسهم به ، و كيف هان به الحال لهذه الدرجة ، و قال في سره أن وجوده و شرفه كـــفيل أصبح على المحك ، و أن لا مكان للهزيمة أو التراضي.
في اليوم المشهود ، كان الفيل و الضبع في أول الطريق بينما تلوح القرية في الأفق ، و انطلقا في جري مستمر. و كما كانت الخطة ، عند كل ميل كان يختفي الضبع المتسابق قافزا بسرعة في الأحراش ليحل محله ضبع آخر نشيط على الطريق. و هكذا استمر الفيل في الجري مدفوعا بجنون عظمة تاريخي ، و رغبة مميته في النصر.دون أن يلاحظ المتغيرات ، و المتغيرون.
و على اعتاب القرية ، كان الفيل قد هدّهُ التعب فسقط صريعا ، و هو يرى القرية أمامه كآخر مشاهد حياته الصاخبة.
حينها تجمهر الضباع و قد تأكدو من النصر، و توجهوا فورا للقرية طلباً لنفائس أهلها و بيوتهم.
و لكن ما أن وصلوا للقرية إلاّ ووجدوها خاوية على عروشها ، فقد هجرها أهلها أثناء السباق باحثين عن أراض أخرى أكثر أمنا ، حاملين - مع يأسهم - كل ما لهم من طعام و شراب و حيوان و نفائس ، و لم يعد فيها سوى السُدى.
تجمع الضباع حول الفيل الملقى أرضا، كان قد مات ، و لم يستفيدوا من الجائزة ، و لا من نفائس القرويين ، و لم يجدوا حتى من يشاركهم سعادة نصر سريع.
غادرت الضباع في صمت حلبة السباق ، مكملين حياتهم التي عهدوها. بدون يقين واضح حول أي الأطراف انتصر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة من موروثات الغرب الأفريقي ، ليس لها أي علاقة بأي وضع سياسي راهن ، و تذكرتها هنا بكثير جدا من التصرف.