٢٩‏/١١‏/٢٠٠٨

كيف لم ألاحظ؟

كانت هذه الناصية في الشارع الرئيسي هي منفذي علي العالم ، كنت لازلت مراهقا اكتشِف القاهرة لأول مرة ، فكنت أسير من بيت الأسرة لدقائق ، فأصل إلى ناصية الشارع العمومي ، أتجمع حيث الآخرين ننتظر إحدى المواصلات لشحن الجميع لقلب القاهرة. لهناك حيث مبان أقدم، و أشياء أكثر للتطفل ، و أناس آخرين للمشاهدة.
كنت دوما أستند على سور ڤيلا بنية اللون ، صغيرة لها حديقة مكشوفة لنا نحن المارة ، كانت قديمة بالنسبة للحي ، و بها بركة صغيرة تمتليء بالأسماك الملونة.
كنت بينما يتأخر الأوتوبيس أجلس على هذا السور القصير اشاهد الأسماك ربما لساعة من دون أن أكترث للوقت ، بعض المارة كانوا يلقون بفتات خبز من آن لآخر مطعمين الأسماك ، أعتقد أنني قمت بذلك مرة على استحياء ، القيت شريحة من كيس بطاطا ، لا أذكر بالضبط الآن.

سنوات مرت ، أصبحت لي سيارة ، و قل ارتيادي للمواصلات العامة ، ثم هجرت الحي نسبيا باستثناء زيارات عائلية من وقت لآخر ، و نسيت الشارع برمته.
منذ أيام مررت على بيت الأسرة ، و عدت بالمواصلات العامة من نفس المكان ، و بينما أنا واقف أنتظر تذكرت الاسماك ، فالتفت لأجد انني واقف أمام مبنى زجاجي كبير.
الحقيقة أن الڤيلا تم هدمها ، و انشاء مبنى إداري ما ، بزجاج أزرق و أخضر ، و هي قصة ممطوطة و مكررة.

ليس ما يشغلني هنا أن الڤيلا الجميلة هدمت ، و لا أتساءل أين ذهبت الأسماك ، لأنها كلها أصبحت أسئلة مترفة في ظل عالم شديد القسوة نمر به يوميا. و لكن ما يشغلني ، و يقلقني هو أنني خلال السنوات كلها لم ألحظ المبنى الجديد.
حتى و أنا واقف أمامه ، لم ألاحظه.
حتى بعد أن أصبح متعدد الطوابق ، لامع ، بموظفي أمن و كاميرات ، لم ألحظ أبدا.

لا أستغرب لماذا بيعت الڤيلا.
و لا أستغرب قدرتنا الرهيبة على التخلي عن الجمال .
لكن أستغرب أنني لم ألاحظ طارئا مثل ذلك ، و لهذا دلالة لا تسرني مطلقا. بل مقلقة إلى حد كبير.


١٤‏/١١‏/٢٠٠٨

كُنــا رجالة

بينما أقترب حثيثا من سن الثلاثين ، أجدها فرصة سانحة للتأمل ، و النظر إلى هذا العصر الذي أتيت فيه ، و كل تلك الأشياء التي مررت بها ، و مر بها جيلي بأكمله.
حاولت أن أجمع أهم الأحداث التي أظنها شكلت صورتي و صورة رفاقي ، و بالتبعية أوصلت الشارع إلى ما هو عليه الآن ، فكرت و تجاذبت الحديث مع الأحباء مليّا* ، فوصلت لأننا قد شهدنا:

- دخول التليفون المحمول
- دخول الدش والقنوات الفضائية
- قيام و انهيار حميد الشاعري
- انهيار فوازير رمضان
- دخول مصر كاس العالم
- ظهور أغنية دي دي
- صعود و انهيار البيچر
- وفاة ادوارد سعيد/درويش/محفوظ/وهاب/شاهين/سعاد/ زكي/الريس متقال
- ظهور و انهيار القصة الكابوريا
- قيام الاخوان المسلمين
- انهيار حفلات اضواء المدينة
- ظهور السيارة الهيونداي
- قيام و انهيار الأتاري
- ظهور الكوتشي اللي بينور
- ظهور المولات
- قضية فتاة العتبة
- قيام و انهيار وائل نور
- ظهور الزابادو كمشروب رسمي لطالب الجامعة
- انفصال بوسي و نور الشريف
- استقالات فاروق حسني
- انهيار العمليات الفدائية و ظهور العمليات الاستشهادية
- اختفاء محمد نجم
- زلزال ٩٢
- قيام و انهيار ظاهرة مطربي المهرجانات
- اختفاء الدكتور مصطفى محمود
- انهيار الحركات الطلابية
- بناء قاعة المؤتمرات
- قيام و انهيار نادي الشمس
- انتشار محلات السوشي
- قيام و انهيار الجرافاتات المشجرة
- ظهور الحجاب كزي رسمي لفتاة الجامعة
- قيام و انهيار سلاحف الننچا
- ظهور تامر حسني
- قيام وانهيار زكية زكريا
- ظهور السينما النظيفة
- انتهاء حرب لبنان
- ظهور و انهيار مطربي الموسم الواحد ( احمد جوهر/خالد علي/ نامق)
- اعتزال الفنانات
- غزو الكويت
- ظهور المشغلات الموسيقية المحمولة
- انهيار الحدائق العامة (الأورمان و المريلاند)
- ظهور تاكسي العاصمة
- طرد نصر حامد أبوزيد
- ظهور اللمبي
- تعديل الدستور
- اختفاء تقاطعات الطرق و استبدالها بملفات
- ظهور المدونات
- تحول الفاست فود لظاهرة شعبية
- قيام و انهيار مسلسل The Bold and The Beautiful
- نهاية شريهان
- قيام و انهيار محلول معالجة الجفاف
- نقل تمثال رمسيس
- ظهور السينمات متعددة الشاشات
- ظاهرة لولاكي/السلعوة/إغماء الطالبات الجماعي/السحابة السوداء/القطارات/التحرش
- قيام و انهيار اليوم المفتوح
- ظهور البرمجيات المفتوحة
- نقل الجامعة الأمريكية
- انتهاء زمن الڤيديو كاسيت
- اعتزال مديحة كامل
- اختفاء مشروبي : كراش و تيم
- انفصال فرقة ستوديو ٨٠ ، محمد صبحي و لينين الرملي
- بناء الفور سيزنز
- قيام و انهيار رباعي نوح
- استشهاد ياسر عرفات
- ظهور و انهيار القنوات المحلية
- ظهور السينما/المسرح/ فرق الموسيقى المستقلة
- قيام و انهيار رجل المستحيل
- قيام و انهيار عمرو خالد
- نهاية عرض الافلام الهندية بالسينمات
- ظهور خالد يوسف
- انتشار اللجان في الشوارع بعد ١٢
- اختفاء بقلظ
- ظهور مراقيا ثم مارينا. ثم قرية ماربيلا
- ظهور خدمات التوصيل، ثم الرقم الموحد
- عودة احمد رمزي و عمر الشريف
- ظهور قناة الجزيرة
- قيام و انهيار مطربة الاطفال نسرين
- ظهور ثقافة الفوز لدى الأهلاوية
- ظهور و انهيار عمو فؤاد و جدو عبده
- هدم كوبري ابو العلا
-اختفاء عايدة الأيوبي
- ظهور الأغاني المصورة
- ظهور الأكل الصحي و الاغذية الأورجانيك
- قيام و انهيار طارق علام و من بعده جورج قرداحي
- بناء شرم الشيخ
- الفنانة صباح

اظن أن من تسول له نفسه أن يكرر أن هذا الجيل أتى في أزمنة بلا قضية ، عليه أن يفكر مليّا.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تم تجميع القائمة بمشاركة رئيسية من الرائع عمرو ،القابع في بلاد الشمال ، المحب لدفء الوطن.

المدونة و التدوينات ، بلا حقوق فكرية ، باستثناء الأعمال الفنية و الموسيقات فهي ملكية خاصة لأصحابها.

  ©o7od!. Template by Dicas Blogger.

TOPO