منذ أيام ، كنت أعبر نهر شارع صلاح سالم على قدمي ، منطلقا تحو امتداد الثورة مارا من فوق نفق العروبة ، لاحظت مئات الجنود و قد اصطفوا يمينا و يسارا ، و سيارات الأمن المركزي في كل مكان ، فضلا عن رجال شرطة من مختلف الرتب.
عرفت بحسي القاهري العالي ، أن الرئيس المحبوب مبارك سيمر في صلاح سالم هنا قريبا ، أسرعت الخطى و عبرت و سرت حتى عنوان أطلبه في شارع الثورة ، مكثت قرابة الساعتين ، و عند عودتي مشيا لاعبر الطريق عائداً، كان الوضع قد تغير تماما . فرأيت فيما يرى الماشي ، صلاح سالم و قد افرغ تماما من السيارات ، صامتا صمت القبور ، و حوله اصطف الجنود و ضباطهم ، و تجمع الناس على الجانبين.
بحسن نية تجاوزت صف الجنود و بدأت في عبور الطريق ، صرخ ضابط: ارجع يا كابتن ، الريس بيعدي.
رجعت بكل أدب ، فقد كان شكل الشارع العريض الخالي مهيبا ، و ربما مرعبا.
قلت في نفسي مستمتعا بذكائي المعهود : ربما إن تجاوزت ڤيلا الزعيم جمال مبارك ، و درت من حولها ، لأمكنني المرور من مكان أقل ازدحاما بلواءات الشرطة ، و شرعت في الإلتفاف بالفعل، و لكن هيهات ، كان في كل شارع ضيق يفضي لصلاح سالم سيارتي شرطة يحملون جنودا و ضباط في حللهم الكاملة.
عدت لموقعي الأول في الشمس ، على الاقل محاطا بطوائف الشعب تنتظر معي، وقفت بين بعض الموظفات و هن ينتظرن مرور الموكب ليسمحوا لهن بعبور الشارع ، و كان الشارع لا يزال خاويا ، تصدح اصوات السرينات من بعيد.
فجأة ، ظهرت من خلفنا فتاة خلابة الجمال ، بشعر كستنائي منسدل ، و تي شيرت بسيط بلون فاتح ، و بينما ننتظر جميعنا على خط الشارع ، عبرت هي الشارع بدون أي تباطؤ.
قال ضابط: انتي يا ستي ، ارجعي لو سمحتي..
قالت: ولادي في المدرسة راحة آخدهم.
قال: استني بعد الموكب.
قالت: مش حاستني دقيقة واحدة.
و عبرت ، وحدها ، في صمت صلاح سالم الغريب.
كنت اسمع صوت خطواتها على الاسفلت ، حيث ساد الصمت من سواها.
نظرت للضابط ، و أقسم أنني رأيته و قد مد يده بتوتر نحو سلاحه في جانبه - مفكرا- ثم أنزل يده إلى جواره في يأس.
و عبرت الفتاة.
مر الموكب ، شديد التنظيم ، و الدقة ، السيارات جميعها تسير في سرعة واحدة ، و المسافات بينهم تكاد ان تكون محسومة من قبل ، مر في الموكب أنواع و أشكال من السلطة ، مروا ببزات عسكرية ، و شرطية ، و حلل ايطالية ، مروا بملابس المارينز ، و سياراتهم العالية و المنخفضة ، و البيضاء و السوداء ، المعدنية و الزجاجية ، و مروا في نصف دقيقة.
بعدما غاب الموكب في العمق ، نظر الضابط لي تحديدا ، و قال : اتفضلوا عدوا.
مررنا جميعا و عبرنا صلاح سالم ، و لغرابة الصدف ، وجدت الفتاة الجميلة و قد عادت من المدرسة تمسك طفلتين جميلتين ، كانت تقول لهما بالحرف : بلدكوا حقيرة ، و حتفضل طول عمرها حقيرة.
قلت لها: حضرتك شجاعة يا فندم.
توقفت ... نظرت لي
و قالت: شفتني و انا شجاعة؟..... بس انا ما عملتش حاجة ...
قلت : شجاعة بردو...
ابتسمت هي ثم عبرت الاتجاه الآخر
لم استطع أن أقول لها أننا لو كنا جميعا فعلنا فعلتها ، لما تجرأ الموكب علينا أبدا.
عرفت بحسي القاهري العالي ، أن الرئيس المحبوب مبارك سيمر في صلاح سالم هنا قريبا ، أسرعت الخطى و عبرت و سرت حتى عنوان أطلبه في شارع الثورة ، مكثت قرابة الساعتين ، و عند عودتي مشيا لاعبر الطريق عائداً، كان الوضع قد تغير تماما . فرأيت فيما يرى الماشي ، صلاح سالم و قد افرغ تماما من السيارات ، صامتا صمت القبور ، و حوله اصطف الجنود و ضباطهم ، و تجمع الناس على الجانبين.
بحسن نية تجاوزت صف الجنود و بدأت في عبور الطريق ، صرخ ضابط: ارجع يا كابتن ، الريس بيعدي.
رجعت بكل أدب ، فقد كان شكل الشارع العريض الخالي مهيبا ، و ربما مرعبا.
قلت في نفسي مستمتعا بذكائي المعهود : ربما إن تجاوزت ڤيلا الزعيم جمال مبارك ، و درت من حولها ، لأمكنني المرور من مكان أقل ازدحاما بلواءات الشرطة ، و شرعت في الإلتفاف بالفعل، و لكن هيهات ، كان في كل شارع ضيق يفضي لصلاح سالم سيارتي شرطة يحملون جنودا و ضباط في حللهم الكاملة.
عدت لموقعي الأول في الشمس ، على الاقل محاطا بطوائف الشعب تنتظر معي، وقفت بين بعض الموظفات و هن ينتظرن مرور الموكب ليسمحوا لهن بعبور الشارع ، و كان الشارع لا يزال خاويا ، تصدح اصوات السرينات من بعيد.
فجأة ، ظهرت من خلفنا فتاة خلابة الجمال ، بشعر كستنائي منسدل ، و تي شيرت بسيط بلون فاتح ، و بينما ننتظر جميعنا على خط الشارع ، عبرت هي الشارع بدون أي تباطؤ.
قال ضابط: انتي يا ستي ، ارجعي لو سمحتي..
قالت: ولادي في المدرسة راحة آخدهم.
قال: استني بعد الموكب.
قالت: مش حاستني دقيقة واحدة.
و عبرت ، وحدها ، في صمت صلاح سالم الغريب.
كنت اسمع صوت خطواتها على الاسفلت ، حيث ساد الصمت من سواها.
نظرت للضابط ، و أقسم أنني رأيته و قد مد يده بتوتر نحو سلاحه في جانبه - مفكرا- ثم أنزل يده إلى جواره في يأس.
و عبرت الفتاة.
مر الموكب ، شديد التنظيم ، و الدقة ، السيارات جميعها تسير في سرعة واحدة ، و المسافات بينهم تكاد ان تكون محسومة من قبل ، مر في الموكب أنواع و أشكال من السلطة ، مروا ببزات عسكرية ، و شرطية ، و حلل ايطالية ، مروا بملابس المارينز ، و سياراتهم العالية و المنخفضة ، و البيضاء و السوداء ، المعدنية و الزجاجية ، و مروا في نصف دقيقة.
بعدما غاب الموكب في العمق ، نظر الضابط لي تحديدا ، و قال : اتفضلوا عدوا.
مررنا جميعا و عبرنا صلاح سالم ، و لغرابة الصدف ، وجدت الفتاة الجميلة و قد عادت من المدرسة تمسك طفلتين جميلتين ، كانت تقول لهما بالحرف : بلدكوا حقيرة ، و حتفضل طول عمرها حقيرة.
قلت لها: حضرتك شجاعة يا فندم.
توقفت ... نظرت لي
و قالت: شفتني و انا شجاعة؟..... بس انا ما عملتش حاجة ...
قلت : شجاعة بردو...
ابتسمت هي ثم عبرت الاتجاه الآخر
لم استطع أن أقول لها أننا لو كنا جميعا فعلنا فعلتها ، لما تجرأ الموكب علينا أبدا.