٢٨‏/١٢‏/٢٠٠٥

! أُم الديمقراطية**

لا أعلم ما الذي تم في قضية الأستاذ/أبو إسلام ، و الحق أنني لا أريد أن أعلم، فكثير من اكابر المدونين ثاروا و انبروا في الدفاع عن حق التعبير، و عدم مشروعية اعتقاله، وصدرت صورة فحواها أن المصادرة على ابو إسلام هي صفعة لحرية التعبير على الانترنت، وأن للجميع حق الكتابة، و هو ما لا يستطيع أي عاقل إنكاره، و بالتالي أجد صورة أبو إسلام تتصدر العديد من المدونات، و منها ما أكن لها احتراماَ كبيراً.
و لكن لي وجهة نظر مغايرة بعض الشيء حيال هذه القضية، و أرجوا أن يتسع لها القارئ الليبرالي المتحمس،أو المِستَََسلِم، على حد سواء...
انني أتساءل سوءالاً أزليا عن ماهية حق التعبير، و ما هو العرف/القانون/ المبادي التي نتكيء عليها لنستطيع التمييز بين الصالح و الرديء ( إن جاز التعبير) ، و ما هو الفيصل بين الكتابة المنفتحة التي لا تهاب موضوعا أو فردا أو حكومة، و بين الكتابة العنصرية التي تحارب جماعة الآخر بشكل عام، شأنها شأن السلاح أو المال او غيرهما من الوسائل، وقد دوما ما ظننت أن الكلمة اكثر فتكا من أي أداة أخرى، فأدب الإغريق عاش قرونا بعد فناء الجيوش و العتاد و استمرت دولتهم في خيالات و عقول و أشعار الناس إلى اليوم.
و لكن الشبكة تحفل بكتابات تضطهد الآخر، تصفه بأقبح الألفاظ على العموم، و الإهانة هنا تقع على طائفة بعمومها - ليس على الديانة نفسها، او ما تحويه من ايدولوجيا- و هو أمر جائز، و إنما هناك من كتبوا يصفون أهل الدين الآخر بالكلاب و الأفاعي و الغجر و غيرها، و هذه الصفات تطلق على مجموعة من الناس يدينون بديانة مغايرة للكاتب، و هذا هو محور حديثي، هل هذه حرية تعبير؟ كيف؟ و ما هو المبدأ الذي يقوم عليه حكمنا؟و هل البلد في وضع يسمح لنا بدعم مثل هذا السلوك تجاه الديانات الأخري ؟ لا أقول اننا آباء أو أوصياء على ما يقال أو ما لا يقال... و لكن أقول أن لنا دور.
أرى أن كل صاحب ديانة ، أو منتمٍ لمجموعة دينية، او إثنية ما، فهو عادة ما يكون مرتبط أكثر بقواعدها و نواميسها، و قد يظهر من يكيل العداء المجاني لأصحاب الديانة الأخرى، و هو امر أرفضه تماما، و أظن الكثيرين يتفقون معي في الراي، و لكن هل من حق فرد كهذا أن يسب الجماعة الأخرى ؟ هل هي حرية تعبير؟ الإجابة هي لا.
و هذا ليس رأيي، و لكن قبل ان انبري أنا الآخر في شرح ذلك،اسمحوا لي ان أنشر لكم مقتطفات مما كتب الأستاذ أبو اسلام في مقال واحد فقط:
(أعلم أنه لا يمكن ابتسار جمل من سياقها الأدبي، لكن عَدّوهالي، فضلاَ عن أنه لا يوجد أي أدب في الآتي)
"... القسس في جوف الكنائس لا نسمع لهم صوتاً ، وإن سمعناه فهو تراتيل كالشدو وإنشاد بالموسيقى والألحان ، وهو في الحقيقة فحيح الثعابين..."
"... لأن غجر المهجر في أمريكا وكندا وأوربا واستراليا كانوا يتمنون لو تجرح الشرطة كلباً من كلاب الكنيسة...."
"... لو حدث أن كلباً كان قد أصابه جرح في فناء الكنيسة أو خنزيراً في حظيرتها ... إلخ"
"... التعامل مع القسس والرهبان في محاربة الإسلام ، والدعوة إلى ما لا يتفق مع ثوابتهم(المسلمون) في قضايا تعدد الزوجات وحرية المرأة والمساواة وحقوق الإنسان في ممارسة الدعارة ومحاربة خفاض النساء والدعوة لتحديد نسل المسلمين وحرية الارتداد عن دين التوحيد..."
"... لماذا لا تلجم الدولة كلاب الكنيسة ؟ لماذا لا تخرس الألسنة القبيحة ؟لماذا لا تترك المسلمين يدافعون عن دينهم ؟..."
" يغلق باب قبول أي كلام من المسيحي باعتباره تعدياً شخصياً على دين المسلم (وسوف نبرر هذا الموقف الرافض بعد قليل)... "
"...لو يسمح الإسلام بأذى المسيحيين في مصر لبصق المسلمين في وقت واحد فأماتوهم وكنائسهم غرقا..."
و يمكن العثور على ماهو اكثر من ذلك في بقية مقالاته أو كتبه.
كل هذه الكراهية؟!؟.... ألا يذكركم بشيء؟ إني أكاد أسمع جملا من السابقة كان يهتف بها محاصروا الكنيسة في الإسكندرية.
السؤال الذي راودني هو .. هل اؤيد استمرار مثل هذه الكتابات- كما فعل أغلب المدونون - ، أم أناصر إيقافها؟
الحل ، و هو النداء الذي أوجهه اليوم مؤمنا بأن لي/ لنا دور واجب ، هو العودة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان (اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر1948) و ليكن هو عرفنا و مبدؤنا في التعامل مع الكتابة على الشبكة، لأن الاديان تخضع للتأويل، و للأهواء و العواطف، و لكن إعلان حقوق الإنسان، أعتقد أنه لا غبار عليه، و إن كانت الحكومات و الدول الكبرى تتغاضى عنه كثيرا، فلا يجب علينا العمل بالمثل.
المادة 3:
- يشكل التمييز بين البشر على أساس الدين أو المعتقد إهانة للكرامة الإنسانية وإنكارا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن يشجب بوصفه انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والواردة بالتفصيل في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان ....
المادة 4:
1. تتخذ جميع الدول تدابير فعالة لمنع واستئصال أي تمييز، على أساس الدين أو المعتقد، في الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وفى التمتع بهذه الحقوق والحريات .
1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
أعلم ان قد ينظر البعض إلى الإعلان على انه منقوص، او غير كامل، او لا يوازي الكتب المقدسة، او من وضع بشر، او خطة صهيونية/صليبية/امبريالية ، كلَُ و ثقافتة، و قد يكون القائل بهذا على حق، لكني أعتقد أنه لو قرأ الكثيرون الإعلان لآمنوا به.
و ليكن منهجا، فلا ندعم مسلما يسب الأقباط ولا قبطيا يسب المسلمين من منطلق الحريات.
الأستاذ ابو إسلام، قد خرق قاعدة حرية التعبير، و دخل في دائرة من الكراهية و العنصرية بل وأحيانا التحريض على الحرب ، و هو أمر لا اجد من الحصافة ان يدعمه أخوة من المدونين الذين أسهموا و يسهموا في الدفاع عن حرية التعبير و الحقوق المدنية، قرأت مرة تدوينة لعلاء يقول فيها أننا نطالب بحرية الإسلام و حرية الإلحاد، و ألا يُجبر أحد على سلك مسار ديني معين، و لكن امثال ابو إسلام يقفون ضد كل هذا، حتى انه يفخر بأنه اعاد فتاة من إلحادها وعلمانيتها، بمعاونة اباها، و عادت تصلي و تصوم، حتى كل أثنين و خميس، و يتحسر على عدم معرفته لأسماء أساتذتها و زملائها الذين بثوا فيها هذه الافكار العلمانية، و بالتالي مسالة حرية الإلحاد هذه يا علاء لن يكفلها أمثال أبو إسلام.
الكل يكره أفعال الحكومة، الجميع ضدها، و لكن في هذه المرة، أنا مع الحكومة، (لم اكن اتصور انه سيأتي هذا اليوم!!!) ، التي تنفذ المادة 4 في إعلان حقوق الإنسان - دون ان تدري - ، و لو علموا ذلك لكانوا اطلقوا سراحه فورا!
ليس من الحريات إزكاء روح الفتنة و العصبية القبلية في بلد متحضر (المفروض) ، و خصوصا في هذه الايام و نحن على مفترق الطريق.
أؤيد منع كتابات أبو إسلام، و إن كان السماح له بالإستمرار من دواع الديمقراطية، ف ** أُم الديمقراطية!

١٣‏/١٢‏/٢٠٠٥

!سلامات يا سيما

لا أجد مفراً من أن أجلس و أتأمل نقاط الخلل التي أدت بالوضع السياسي/الإجتماعي الراهن إلى هذا الحال، و كثيرا ما أربطه بالمنحى ( المحافظ) الذي تحولت إليه حياتنا العامة خلال العشر سنوات الماضية، و لما كنت أرى أن الفن و الثقافة يمثلان الجبهة الأخرى ، حيث أنها جبهة الرأي و المنطق في مواجهة جبهة تتفشى من الأصولية و الرجعية ،فانني أرصدهنا كيف تم احتواء هذه الأولى إلى الدرجة التي جعلت - و يمكنني أن أقول هذا بكل ثقة - العديد من مفردات الفن والثقافة يتم تحريكهم بواعز ديني بل وأصبح الكثيرمن رموز الفنانين و المثقفين (إن جاز التعبير) يتحركون وفقا لنوازع أخرى أبعد ما تكون عن العقل و المنطق، و قد ساعدني هذا على البدأ في ادراك التحول الهائل الذي نمر به،و كيف وصلت القدرة على الحكم عند الكثيرين إلى درجة كبيرة من التشتيت....
و لما كنت أعمل في الماكينة الفنية منذ عدة سنوات و هو الأمر الذي جعلني مطلعا على كواليس السينما و الغناء و ما ملكت ايمانهم، فسمحت لنفسي بتسريب بعض هذه التأملات....


1- أبدأ بقصة حدثت لي.. فقد كنت أعمل مع أحد المخرجين الذين أكن لهم تقديرا خاصا و إيمانا بموهبتهم، و يبدوا أن الرجل كان يبادلني نفس الشعور،مما حدى به إلى أن سافر لحضور أحد المهرجانات و ترك لي متابعة العمل في أحد الفيديو كليبات التي يخرجها، و طلب مني تسليمه بعد الانتهاء منه إلى القناة الفضائية التي أنتجته، المهم، اثناء المونتاج، كان المونتير يترك العمل ليغيب أكثر من نصف ساعة لأداء الصلاة، طبعا لم اعترض، ثم بدأفي التبليغ و الدعوة طالبا مني أن أقوم للصلاة و ان "هوّ ده اللي باقيلي" أخبرته ببجاحة - أعترف - أن يركز في عمله فقط، أكمل العمل معي على مضض، ثم فوجئت به يكثر من وضع الشوتات الساخنة للمؤخرات و الأثداء، فإذا بمشهد الرقصة في الأغنية يتحول لعمل بورنوجرافي بحت، و لما كنت لا أطيق استخدام الفتيات على هذا النحو - حتى و لو برغبتهن - كما أنني لن أتاجر بمشاعر المراهقين المصريين الذين يطحنهم الكبت، فاني اعترضت على هذا الجزء شكلا و مضمونا، و لم يبالي، و استمربقية اليوم في التنقل ما بين الصلوات الخمس، و المشهد الساخن بازدواجية مدهشة،فلوَّحت بالسلطة المطلقة على العمل التي أملكها، و انني لن أسلِّم الكليب بهذا الشكل أبدا، فاستشارمديرو الاستديو الذين كانوا في صفه تماما متحججين بأن "هوّ ده اللي بيبيع" و لكني ثبت على موقفي إلى أن حذفت المشهد الخليع، الإشكالية هنا تكمن في أن هذا الاستديو يبدأ يومه بالقرآن الكريم - لا بد أن يدار شريط لمدة ساعة كل صباح - في حين أن هذا الاستديو قدّم العديد من الكليبات منها ما قد رفضته الرقابة في العديد من الفضائيات و هم أصحاب الكليب الذي يعد الأكثر إثارة في استفتاء قناة ميلودي.


2- البعد الديني أصبح له دخل كبير في صناعة معظم الأفلام، يمكنني أن أعد على أصابع اليد عدد النجوم (ممثلون) الذين لا يقطعون التصوير من أجل الصلاة،و أتذكر بسهولة العديد من السيناريوهات التي عدلت لأسباب أخلاقية، و حذف منها مشاهد سُكر أو "مياصة"على حد تعبير سمعته من أحد نجوم السينما.علما بانني حسبما تعلمت، فإنه يتم تعديل السيناريو وفقا لطبيعة الشخصية المقدمة أو سيرالأحداث في الفيلم، أو ظروف الإنتاج، و لكن ليس وفقا لصحيح الحديث أو فتاوى المشايخ، وبل و نجم آخر - هو رقم 1 الآن - يقرأ الفاتحة جماعة قبل البدأ في التصوير أو المونتاج أو الميكساج - على طريقة فرق الكورة - لست ضد الفاتحة بالطبع ، و لكنني ضد الازدواجية التي أدخلت الدين في كل تفصيلة في الحياة، و في نفس الوقت الذي يكرر نفس الممثل مشهدا له و هو مخمور في أغلب أفلامه بينما يقول للحاضرين ( ربنا يكفينا شرّها)...


3- أعلنت على الأقل 3 ممثلات أنهن "ما بيتباسوش" مهما كانت متطلبات السيناريو لأن واجبهن تجاه ربنا أهم.و بما أن المناخ السينمائي العام سيكفل لها أدوارا" مشروعة" ، فلن تغامر بالقبلة و تضيع منها الآخرة. بل و ان إحداهن - اتكلم عن نجمات الصف الأول - تدير شريطا دينيا بصوت عال ليسمعه موقع التصوير من عربة الملابس الخاصة بها.


4 - كنت في عيد ميلاد صديق لي يعمل في الديكور، و كان ضمن الحضور عدد من الممثلين (صف ثاني و يتحولون إلى الاول مؤخرا) كان منهم اثنان يشربان البيرة، طلب مني الصديق أن أصوره معهم، و بينما ألتقط الصورة فوجئت بأحدهما يسقط زجاجات البيرة من على الطاولة أمامه بحركة سريعة قبل أن ألتقط الصورة موبخاَ إياي على عدم تحذيره قبل التصوير" ...انت حتصورنا بنشرب يا عم انت؟!؟!" - و حتى الآن لا أعلم لماذا كان يشرب إن كان هذا الأمر يضايقه لهذا الحد، ام هو إمعانا في الإزدواجية و خلاص؟


5- قال نجم كبير لمؤلف "سهر الليالي" - لم أشاهد الواقعة لكن سمعتها من أحد الحضور - قال له :" مش حرام كده انكم تطلعوا النسوان عريانة في الفيلم؟" فما كان من المؤلف أن جاوب بذكاء " لعن الله الرجال المتشبهين بالنساء" في إشارة إلى الفيلم الأخير لهذا الممثل و الذي قام فيه بدور امراة، و الجدير بالذكر أن الفيلم لم يحقق النجاح المرجو، رغم إصرار هذا الممثل على وضع (كفوف و عيون و خمسة و خميسة) في كل أفيشات الفيلم في الشوارع لتقيه من الحسد، شاهدوا البوسترات مرة أخرى للتأكد.


6- بمناسبة الكفوف، أؤكد من خلال عملي أن العديد من المخرجين و كتاب السيناريو يستمرون في العمل ليس لأي سبب سوى أنهم "مُسعدين، و بيجيبو الرزق" على حد تعبير أحد المنتجين المعروفين، و يتكرر هذا الأمر مع أسماء عديدة رغم علم الجميع بضعفهم فنياَ.و العكس بالنسبة لممثلين تعثروا و تم اعتبار أن " نحسهم ما بيتفكِّش"... و أصبح تحكيم العقل، و دراسة السوق و الدعاية و خطط التسويق عامل ثانوي بجوار المسلمات الشعبية.


7- طلبت للعمل في إحدى المؤسسات الفنية الضخمة ، و بدونا على اتفاق في الانترفيو، فقد كنت من أفضل من لهم دراية بهذه الجزئية في مصر، و انجلى مدير المؤسسة في شرح تاريخهم الفني الحافل، و لما سألته عن أحد الأفلام إن كانوا قد شاركوا فيه ،أجاب في نفور " لا.. لا...لا... ده المخرج كان عاوزنا نعمل شكل كده يظهر في الفيلم كإنه ربّنا استغفر الله العظيم، مشيناه طبعا" فأجبت بلباقة : " والله هي وجهات نظر، الراجل ما كانش قاصدها كدة بيتهيألي" ارتبك المدير،و غير الموضوع . طبعا لم يتصلوا بي أبدا.


8- صديق لي مخرج شاب، أخرج فيلما قصيرا بتمويل خاص منه كلفه عشرات الآلاف، إلى درجة انه قد باع سيارته ليحقق انتاج هذا الفيلم، المهم، حاول أن يعرضه في مركز الساقية، - نسيت أن أذكر أن الفيلم يحوي مشهدا جنسيا (نظيفا) أي خال من الأعضاء - و لكن يبدوا أن هذا لم يشفع للفيلم لكي يعرض في الساقية، و طِلب و أكرر طِلب من المخرج أن يحذف هذا المشهد ليكون صالحا للعرض، بالطبع رفض، ثم سمعت من صديق مسرحي أن بعض الشباب المسرحيين يتلقو توجيهات بشأن عروضهم التي يتشرفوا بأن يعرضوها هناك، دهشت حينما علمت أن مكانا ثقافيا يدار بهذه الطريقة، و لكن زال هذا الاندهاش حينما علمت أن الساقية تقيم ندوات دينية لكبار الدعاة، و كأن الإسلام ينقصه منبرجديد لدرجة أن يدخل في مكان من المفترض أنه ثقافي/فني، أم أنه توضع الندوات هناك بطريقة السم في العسل؟ لست مع نظرية المؤامرة لكن الموضوع حقا مقلق.و يذهب البعض إلى أنهم يقومون بهذا لأسباب "تمويلية" و هو أمر أكثر إقلاقا.


9- لي أصدقاء من شباب التشكيليين، قاموا بعمل معرض مشترك في إحد المراكز الثقافية الأوروبية، و كانت بعض الأعمال المقدمة - زيت - تحوي بعض العري،و أوضح انها صور زيتية، من عدة مدارس فنية، و ليست شديدة البجاحة (ان جاز التعبير) فقام المركز بتوزيع الأعمال في الردهة و على جانب السلالم في كل الأدوار، و بالطبع نقلت الصور اياها إلى أعلى دور في المركز، تقريبا لا يستخدم لأنه منفذ للسطوح،ولا يحتوي على مصدر نورأو لمبة، مما أدى بالبعض إلى سحب أعمالهم. فإذا كان هذا حال مركز ثقافي لإحدى أكبر دول الاتحاد، فما بالك بالوضع لدينا.... و لكن يبدو أن الأمر عدوى...


10- شاركت في أحد الأفلام القصيرة، و بعد العرض الخاص أوقفتني فتاة محجبة عندما أخبروها أنني ضمن فريق العمل، علمت بعد ذلك أنها كاتبة، و دار حوار عبثي هذا جزء منه:
الفتاة: ..... انت عارف إيه أكثر حاجة ضايقتني؟
العبد لله:....
الفتاة:إن البطلة كانت بتشرب خمرة
العبد لله:و فيها إيه؟
الفتاة:(صدمة و سكوت ثم:) فيها إيه؟؟ إنتوا يا جماعة مالكم بالظبط؟ مش ده حرام برده ولا إيه؟
العبد لله: حرام طبعا... زي القتل و السرقة و النصب، و كلها حاجات بتطلع في الأفلام برده.
الفتاة: بس انتوا مش المفروض تظهروا الحاجات دي في الأفلام كإنها حاجات عادية! بقى بذمتك في بنت بتشرب؟!؟!
العبد لله:(صدمة و سكوت ثم:) أيوه
الفتاة:خلاص يبقى قِلّة... ما تقعدوش تطلعوهم لنا في الأفلام...
العبد لله:المخرج مش داعية إسلامي ، و لا بيعمل أفلام تعليمية،هو بيتكلم عن الحاجات اللي بتحصل حوالينا...( ثم بدأتُ في العصبية) و لعلمِك بقى.. بنات كتير بيشربوا و بيحششوا... و اقولك حاجة؟ ..في ناس ما بتصليش و مش مؤمنة بربنا أصلا!!!
الفتاة:في مصر؟؟؟
العبد لله: (ذهول)... فرصة سعيدة بعد إذنك.


و هنا أدركت أن الخلل عميق، و أن البعض منّا لا يرى الآخر، بل و حتى غير قادر على تصور فكرة و جود عناصر قد تختلف عنه.


أعلم انني قد أطلت، و لا زال لدي العديد في هذا الصدد ، لكنني آثرت ان أضع هذه النقاط لنتأمل سويا حال الثقافة قبل حكم الاخوان!

٠١‏/١٢‏/٢٠٠٥

الفرار من التدوين؟

بمناسبة الزائر الألفي لهذه المدونة الهامشية
في البداية، توقعت أن أكتب أنا و جميلة، و نتبادل الآراء طالما لم نعد نتقابل كسابق عهدنا، و لكن يبدوا أن التدوين حالة لا يمكن الفرار منها، لم أقصد أن أبدأ و لا أقصد أن أستمر، و لكن من الذي يقاوم قراءة مدونات الآخرين؟؟
أحيي كل المدونين على إتاحتهم آراءهم وأفكارهم للناس ، أحيي المدون الذي أعطاني موقعه على قهوة بالصدفة، مشيرا لي إلى عالم لم أكن أعلم أنه موجود.
أتفق مع تعليق جميلة الأخير، فحقا التدوين أصبح نافذة واسعة تحرك عطن الغرفة، فربما سنصحوا في يوم ما فنفاجأ بأننا لا زلنا نستطيع التنفس..
المدونة و التدوينات ، بلا حقوق فكرية ، باستثناء الأعمال الفنية و الموسيقات فهي ملكية خاصة لأصحابها.

  ©o7od!. Template by Dicas Blogger.

TOPO